ماذا بعد
بعد خمس سنوات على الانكسار العسكري الإسرائيلي على بوابات غزة بدأت الفرقة الفولاذية الإسرائيلية تستعد وتجهز نفسها لمحاربة أهل غزة، كما أكد ذلك قائد الفرقة العميد "ساعر تسور"، الذي أعرب عن استعداد قواته لتنفيذ الأوامر لدخول المعركة القادمة، على كل الجبهات، الجنوبية والشمالية، عاداً أن قطاع غزة هو الهدف المركزي.
الفرقة الفولاذية اسم يدل على الضعف والخوف، فاختيار قيادة الجيش اسم الفولاذ لهذه الفرقة جاء ليغطي على ضعف الجنود وخوارهم، بعد أن تكسرت بطولتهم الزائفة تحت أقدام رجال المقاومة في غزة قبل خمس سنوات، حين عجز الجيش الإسرائيلي بكل فرقه وقواته ومعداته وأجهزته الحديثة والتكنولوجية عن تحقيق أدنى انتصار ميداني على أرض غزة.
ومن المؤكد أن الجيش الإسرائيلي يواصل تدريباته واستعداده للمعركة القادمة، ومن المؤكد أيضاً أن المقاومة الفلسطينية قد طوّرت من قدراتها، وما لم يحدث أمر لم يكن في الحسبان، فإن الطرفين المتناحرين حريصان على تأجيل هذه المعركة، وقد دللت جولات المواجهة في الأشهر الماضية على أن المقاومة لا تسعى إلى المواجهة، ولكنها تأخذ على محمل الجد إمكانية اندلاع المعركة مع العدو في كل لحظة، وهذا ما أكدته ثلاث حروب شنها العدو الإسرائيلي على أهل غزة، لم تبدأ بعدوان سنة 2008، ولم تنتهِ بعدوان 2014.
بعد ثلاث حروب عدوانية تقف غزة شامخة، وقد أحسنت التعامل مع عدوها، ورتبت أمورها على كل احتمال، وهذا ما أدركه العدو من خلال جولات التصعيد التي جرت في الأشهر الماضية، لذلك أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه يستعد للحرب القادمة، وأن قواته رفعت من وتيرة التدريب، وأنه خزّن كميات من الأسلحة والذخيرة تبلغ أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب الأخيرة على قطاع غزة، كما أن المخابرات العسكرية لديها مئات الأهداف الجاهزة.
العدو الذي يخزن الأسلحة بكميات تبلغ أربعة أضعاف ما كان يمتلك سابقاً يتوقع أن تتعرض الجبهة الداخلية لديه للقصف المتواصل بصواريخ المقاومة وقذائف الهاون، ويعترف بأنه زاد من قدرته على الدفاع الجوي، وأعد الخطط لإجلاء المجتمعات المحلية المتاخمة لقطاع غزة، فإذا أضيف لما سبق إعلان الاحتلال أنه أقام أكثر من حاجز تحت الأرض بهدف صد هجمات المقاومة عبر الأنفاق الهجومية على الحدود البالغ طولها 65 كيلومترًا، وأنه أقام الجزء البحري من هذا الجدار الذي يهدف إلى وقف أي هجمات تنفذها الضفادع البشرية التابعة للمقاومة، وأنه أقام العديد من التلال لحماية الحركة على الطرق، كل ذلك يعني أن الاحتلال الإسرائيلي قد انتقل بتدريباته واستعداده من الهجوم إلى الدفاع.
تأتي الذكرى الخامسة للعدوان الإسرائيلي على غزة وعدوها يستعد للدفاع عن نفسه بدلاً من الهجوم عليها، وهذا تطور خطير على مستقبل دولة الصهاينة التي عجزت عن الانتصار على غزة حين كانت غزة تدافع عن نفسها، فكيف ستكون نتائج المعركة القادمة على الفرقة الفولاذية حين يفاجئها رجال غزة بما لم يكن ضمن حساباتهم؟