وثائق حُجبت عن العيان لسنين، كَشفت عنها صحيفة (هآرتس) العبرية قبل أيام في ملحقها الأسبوعي، تُبيّن حجم المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني عام 1948 وبعده، في حين دعا مختصان إلى توظيف تلك الوثائق قانونيًّا.
الصحيفة كشفت في تحقيقها عن مجازر إبادة جماعية ارتكبتها العصابات التي شكلت نواة جيش الاحتلال الإسرائيلي، تمثلت بقتل عشرات المدنيين العُزل، واغتصاب الفتيات الصغيرات، وسلب المنازل ونهبها، وتفجير وتدمير قرى بأكملها على رأس ساكنيها، بأوامر من أوّل رئيس حكومة للاحتلال دافيد بن غوريون.
وأوضح الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي نظير المجلي أن الوثائق التي كشفت لا تشكل سوى جزء بسيط من مستندات بأعداد هائلة يُغلَق عليها بالكامل، كونها تكشف للعالم بشاعة الاحتلال، وتحرج (إسرائيل) التي تحاول تصدير نفسها كدولة ديمقراطية.
وبيّن المجلي لصحيفة "فلسطين"، أن سبب ظهورها في هذا التوقيت يعود للصراع الدائر بين المؤرخين، وخصوصًا الجدد منهم الذين يسعون لإعادة صياغة التاريخ، حتى لو كان على حساب تجريم (إسرائيل) دوليًا، وآخرين يحاولون إيقافهم بمساعدة سياسيين للحفاظ على الصورة التي رسمها الاحتلال للعالم وللأوروبيين.
وتابع: "يحاول الاحتلال إبادة هذه الوثائق وإتلافها بشكل كامل، وهو ما دفع المؤرخين الجدد للكشف عن بعض الوثائق للضغط على الاحتلال ومنعه من ذلك من مؤسسات خاصة مهمتها تأريخ هذه الوثائق".
وشدد المجلي على أن هناك إجماعًا من المؤرخين الإسرائيليين حتى قبل ظهور الوثائق على أن العصابات الصهيونية استولت على أراضي الفلسطينيين بالقوة وبإراقة دمائهم وهو ما يدفع الكثير منهم للتستر على تلك المعلومات والشواهد والسعي لإخفائها.
وأضاف أن ظهور الوثائق يعد فرصة أمام الفلسطينيين للبحث والحصول على المزيد منها بكثير من الوسائل المتاحة لفضح ماهية الاحتلال الحقيقية أمام العالم وإجباره على تحمل مسؤولياته هو ومن عاونه على تنفيذ تلك المجازر من أجل احتلال فلسطين.
كما حث الجهات الرسمية والشعبية والمؤسسات المعنية على البدء بإسناد الوثائق في مذكرات قانونية لتقديمها للأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية.
من جانبه أكد رئيس مركز العودة الفلسطيني ماجد الزير، أن طوال تاريخ الصراع مع الاحتلال يحاول الأخير التملص من مسؤولياته عن الجرائم التي ارتكبت بحق اللاجئين الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن ظهور هذه الوثائق يثبت مسؤولية الاحتلال عن مجازر النكبة التي طالما حاول طمسها، وإفقاد الفلسطينيين أي أوراق قوة.
وقال الزير لـ"فلسطين": "يجب الاستفادة من هذه الوثائق فلسطينيًا بشتى الوسائل وبالطريقة الأمثل، وذلك يحتاج لإرادة سياسية وقانونية ومادية موحدة، تجمع عليها منظمة التحرير والسلطة والفصائل وجميع المؤسسات والمنظمات لخوض هذه الحرب طويلة الأمد".
وأوضح الزير أن الاحتلال يسعى بشكل كبير منذ فترة لتسويق مستوطنيه دوليًا وعالميًا كلاجئين تحت عنوان "اللاجئ اليهودي"، وهو ما يروج له في المحافل الدولية كافة بهدف التغطية على مجازر التطهير العرقي بحق الفلسطينيين، ومحاولة صرف الأنظار عن قضية اللاجئين والعودة.