يواجه حي واد الحمص الذي يصل بين مدينتي بيت لحم والقدس حربا متكاملة الأركان من سلطات الاحتلال العسكرية والسياسية والقضائية، فوجوده على أرض القدس يجعل أطماع الهدم والإزالة أكبر بكثير.
ويسوق مسوّغ عدم الترخيص والبناء غير القانوني كحجة لتهويد الحي، وفي أحيان أخرى تطغى المبررات الأمنية فتحول أحلام الفلسطينيين إلى ركام بعد شقاء سنين طويلة.
مهدد بالهدم
ويوم الأحد الماضي، قامت طواقم تابعة لبلدية الاحتلال بالقدس، بتصوير وأخذ قياسات المنازل المهددة بالهدم في حي وادي الحمص، وذلك بعد مداهمة الحي بقوات معززة من شرطة الاحتلال.
وقال رئيس لجنة خدمات بلدة صور باهر والبيوت المهددة بالهدم في حي واد الحمص، حمادة حمادة، أنه صدر قرار عن الحاكم العسكري للاحتلال بمنح السكان مهلة حتى تاريخ 18 تموز/يوليو الجاري، وبعدها من المقرر أن تهدم جرافاته المنازل في أيِّ لحظة.
كابوس التهجير
ومنذ سنوات تجثم إخطارات الهدم فوق صدور الفلسطينيين في واد الحمص، وباتوا يعيشون كابوس التهجير والطرد من جديد، أما التصدي لتلك القرارات فليس لها نصير إلا الخيام والاعتصامات.
ويقول المتحدث باسم سكان الحي محمد أبو طير لصحيفة "فلسطين": إن قوات الاحتلال سلمت إخطارات بهدم جميع مباني الحي في نهاية عام ٢٠١٦ بحجة المسوغات الأمنية، حيث إن الجدار العنصري يقترب من هذه المباني ويهددها بالإزالة.
ويوضح بأن الحي مكون من ١٦ مبنى تحتوي على مئة شقة تخدم مئة عائلة، مبينا بأن حي واد الحمص يتبع مناطق السلطة الفلسطينية تنظيميا، ولكنه فعليا داخل القدس بسبب إقامة الجدار العنصري، وهذا الأمر يتذرع به الاحتلال لعدم الاعتراف به.
ويضيف: "لا تتمكن السلطة من تقديم خدماتها لمنازلنا بسبب وقوع الحي داخل الجدار العنصري وفي الوقت ذاته لا يعترف الاحتلال بها ولا يقدم أي خدمات حتى لو أساسيّة بسيطة، ونحن هنا الضحية لتأتي إخطارات الهدم فتحول حياتنا إلى مأساة".
ورغم حصول المباني على تراخيص من الجهات الفلسطينية المختصة إلا أن الاحتلال وجد ذريعة جديدة وهي قربها من الجدار العنصري وتأثير وجوده على ميزانه الأمني وفق ادعاءاته، ليسعى إلى تشريد أكثر من ٥٠٠ فلسطيني دون وجه حق.
ويؤكد أبو طير بأن الأهالي لجؤوا إلى محاكم الاحتلال المنحازة، فلم يجدوا إلا الاعتصامات والخيام وسيلة للاحتجاج ولفت نظر العالم إلى مأساتهم، ولكن حتى في هذه سلبهم الاحتلال حقهم في الاعتصام، واعتدى عليهم وأزال الخيام ليضطروا إلى الجلوس في الشارع استكمالا لخطواتهم.
خدمات معدومة
وينحدر سكان وادي الحمص من قرى مقدسية عديدة بينها صور باهر وأم طوبا وجبل المكبر وسلوان، وستقع كل تلك الأحياء ضحية الهدم الذي قرره الاحتلال لمسافة ٢٥٠ مترًا في كل اتجاه.
ويرى السكان أن الهدم سيكون مقدمة لهدم الأحياء المقدسية القريبة من الجدار.
ويقول محمد حمادة أحد سكان الحي لـ فلسطين": إن بلدية الاحتلال لا تعترف بتقديم خدمات للأهالي هناك ولكن تعترف فقط بالهدم وتخريب حياة الفلسطينيين، وهي لا تعترف بوجودهم ولكن تعترف بضرورة إزالتهم من أرضهم.
ويوضح بأن الاحتلال رفض فتح شارع رئيس يؤدي إلى وادي الحمص فجمع الأهالي الأموال وشقوا شارعًا جديدًا، ولكن سرعان ما جرفته سلطات الاحتلال وأغلقته عام ٢٠١٧ لتزداد معاناتهم.
ويضيف: "حي واد الحمص يعتبر أحد أحياء قرية دار صلاح قرب بيت لحم منذ القدم والذي يقع على مشارف بلدة صور باهر جنوب القدس ويمتد حتى مسجد المرابطين غربًا"، لافتًا إلى أنه فصل عن القرية بسبب جدار الفصل العنصري وما زال يتلقى خدماته الأساسية من مجلس قروي دار صلاح لا سيما المياه ورخص البناء، حيث لا تقدم بلدية الاحتلال أي خدمات له رغم وجوده داخل الجدار.
ويعاني الحي من بنية تحتية سيئة خاصة الشوارع غير المعبدة والمدمرة بفعل انعزاله عن قرية دار صلاح بسبب الجدار ورفض الاحتلال مساعدة سكانه.