قبل أربعين عاماً شطب الاحتلال الإسرائيلي من قاموسه السياسي اسم الضفة الغربية، واستبدلها باسم "يهودا والسامرة"، أما مصطلح السامرة فالمقصود به شمال الضفة الغربية، وقلبه مدينة نابلس، وأما مصطلح يهودا فالمقصود به جنوب الضفة الغربية وقلبه مدينة القدس، وللتسمية قصة تعود إلى الانقسام الذي حدث بين اليهود بعد وفاة الملك سليمان، حيث قامت مملكة السامرة في الشمال، قبل أن يدمرها الآشوريون سنة 722 قبل الميلاد كما يقولون، في حين صمدت دولة يهودا في الجنوب حتى سنة 586 قبل الميلاد، حين دمرها الكلدانيون.
ولتأكيد عمق الترابط التاريخي والديني بين أرض الضفة الغربية واليهود احتفل مجلس السامرة الإقليمي قبل أيام بذكرى مرور أربعين سنة على تأسيسه، واستضاف نتنياهو في مستوطنة "رفافا" ليلقي الكلمة التي حدد فيها معالم السياسة الإسرائيلية، حين قال: سجلوا عني، هناك مبادئ عدة ترشدني فيما يتعلق بأرض (يهودا والسامرة).
المبدأ الأول: هذه هي أرضنا ووطننا.
المبدأ الثاني: سنواصل تطويرها وبناءها.
المبدأ الثالث: لن يتم اقتلاع أي مستوطنة في أي خطة سياسية، ولن يتم اقتلاع أي مستوطن.
المبدأ الرابع: سيواصل الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن السيطرة على المنطقة بأكملها حتى نهر الأردن.
المبدأ الخامس: أعمل على تحقيق إجماع دولي على هذه المبادئ. انظروا ماذا فعلنا في مرتفعات الجولان، ماذا فعلنا في القدس، والبقية سوف تأتي.
وتحت بند البقية سوف تأتي، قال نتنياهو: المرحلة القادمة هي مرحلة فرض السيادة الإسرائيلية تدريجيًا على مناطق يهودا والسامرة.
نتنياهو لم ينطق باسمه الشخصي، ولم ينطق باسم حزب الليكود، ولم ينطق باسم التحالف اليميني الحاكم، نتنياهو تحدث باسم كل يهودي يقيم على هذه الأرض العربية، وهو مقتنع تماماً بأن بسط السيطرة على أرض الأجداد من مقومات الدين اليهودي، وفي هذا الإجماع اليهودي رد على كل من يظن أن حديث نتنياهو قد جاء لأهداف انتخابية، وضمن التنافس الحزبي على صوت المتطرفين، والمزايدة السياسية.
حديث نتنياهو السياسي الواضح والجلي ينطلق من قانون يهودية الدولة، وهذا يفرض على الشعب الفلسطيني:
أولاً: الوقوف على الأسباب التي مكنت نتنياهو من عنق الأرض في الضفة الغربية، وأعطته الفسحة من الأمن كي يتحدث عن مستقبل الضفة الغربية بهذه الثقة والاطمئنان.
ثانياً: التوافق التنظيمي والشعبي على آلية عمل ميداني لمواجهة هذا المخطط المكشوف الذي يطبق بشكل عملي على أرض الضفة الغربية منذ أكثر من أربعين عاماً.
ثالثاً: الحرص على ربط مصير غزة بالضفة الغربية، أو الدفاع عن أرض الضفة الغربية من خلال تعزيز صمود غزة، والمساواة بين مستوى سكانها المعيشي ومستوى سكان الضفة الغربية، ولا سيما أن نتنياهو قد تجاهل غزة كلياً، وأخرجها من حساباته السياسة، وفضل ما بينها وبين مستقبل الدولة التي رسم معالمها قانون يهودية الدولة.
رابعاً: الضغط على الإدارة الأمريكية من خلال الضغط على الدول العربية لئلا تعطي الدنية، فيلمع الضوء الأخضر للأطماع الإسرائيلية، وهذا ما نبهنا إليه نتنياهو نفسه حين قال: إنه ناقش أطماعه السابقة مع الإدارة الأمريكية لضمان موافقتها، فكيف نهدد أمريكا، ونعرقل مشروعها في المنطقة، كنقطة انطلاق لعرقلة مشروع ضم الضفة الغربية؟!