انتقدت ورشة عمل في غزة أمس، قرار السلطة في رام الله وقف التحويلات الطبية للمستشفيات الإسرائيلية منذ مارس/آذار الماضي دون خطة استراتيجية، وأوصت ورقة بحثية، السلطة بتبني نظام نزيه وشفاف في التحويلات الطبية، التي أكد خبير صحي عدم وجود عدالة في نسبها بين غزة والضفة.
وخلال الورشة التي نظمتها شبكة المنظمات الأهلية لمناقشة قرار السلطة المذكور، عرضت المسؤولة في اتحاد لجان الرعاية الصحية إيمان الصوراني مسودة "ورقة حقائق" أعدتها الشبكة في الضفة الغربية، مبينة أن سياسة الترشيد المتبعة في الإنفاق الحكومي وفق الخطة الاستراتيجية "لأجندة السياسات الوطنية للأعوام 2017-2022" التي وضعتها حكومة رامي الحمد الله السابقة، تأتي على حساب القطاع الصحي وقطاعات حيوية أخرى.
وورد في الورقة التي استندت إلى مصادر متعددة، أن تطوير القطاع الصحي لجهة توطين الخدمة الطبية في فلسطين لا يمكن تحقيقه في ضوء موازنة مرصودة للقطاع الصحي الرسمي بنسبة 10.8% من الإنفاق العام وهي تعادل ما يقارب نصف الإنفاق على قطاع الأمن التابع للسلطة.
وبحسب الورقة البحثية، فإن وزارة الصحة في رام الله تعمل على تبني شعار توطين الخدمة وعلى وجه الخصوص في الضفة الغربية، وفي مقابل ذلك فإن أولوية توطين الخدمة الطبية "تتطلب معالجة جذرية للانقسام السياسي".
وذكرت أن عملية توطين الخدمات الصحية في فلسطين ترتبط بإصلاح النظام الصحي من خلال الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية وجودتها (البنية التحتية- الأجهزة الطبية- السياسات الدوائية- توظيف تكنولوجيا المعلومات- التدريب والتأهيل المستمر للكوادر الصحية- ودعم استراتيجية تكاملية وعادلة بين القطاع الحكومي والأهلي والخاص).
وجاء في ورقة الحقائق أن الحصول على الخدمات الصحية يتطلب إيلاء أولوية لمعايير المحاسبة والمساءلة والنزاهة في القطاع الصحي وإزالة العوائق كافة أمام أي محاولة لإهدار المال العام بما يضمن تدابير معلنة وشفافة تحاسب على الفساد والمخالفات الإدارية في القطاع الصحي.
وأشارت الورقة إلى أن موازنة وزارة الصحة في رام الله للعام 2018 بلغت (1.787.731.915 شيقل)، فيما بلغ عدد الفلسطينيين غير المشمولين في التأمين الصحي ما مجموعه 924.618 فلسطيني وفلسطينية.
وبلغت التحويلات الطبية لشراء الخدمة الصحية من خارج مرافق وزارة الصحة 95 ألف تحويلة وبسقف موازنة تقديرية 450 مليون شيقل مخصص من وزارة المالية، بحسب الورقة ذاتها، بينما بلغت قيمة التكلفة الإجمالية للحالات المرضية المحولة للعلاج في المستشفيات الاسرائيلية للعام 2017 ما يعادل 32.3% من التكلفة الاجمالية للعلاج خارج مرافق وزارة الصحة.
وأظهرت أن عدد الإحالات المرضية من الضفة والقطاع إلى المستشفيات الإسرائيلية بلغ في العام 2017 (16.269) حالة وبنسبة 17% لمجمل الحالات المحولة لشراء الخدمة من خارج مرافق وزارة الصحة وبمعدل 12.121 إحالة من الضفة الغربية وهي تمثل 75% من مجموع الحالات المحولة الى المستشفيات الإسرائيلية.
وورد فيها أن عدد الحالات المحولة من قطاع غزة إلى المستشفيات الاسرائيلية في 2017 (4.148) إحالة، وبنسبة 20.2% من مجموع الاحالات المحولة خارج مرافق وزارة الصحة للعلاج في الخارج و25% من مجموع الحالات المحولة للمستشفيات الإسرائيلية.
وأشارت الورقة إلى أن متوسط التكلفة للتحويل للعلاج في المستشفيات الإسرائيلية 8.558 شيقلا.
وجاء توزيع نسب الإنفاق لتحويلات شراء الخدمة من الخارج للعام 2018 كالآتي: الأورام السرطانية 25.05%، قسطرة القلب 11.6%، أمراض الدم 11.0%، أمراض الكلى 6.7% أمراض القلب 5.8% باقي الأمراض 39.9%.
محاربة الفساد
وأوصت الورقة السلطة بالعمل على تبني نظام نزيه وشفاف في التحويلات الطبية ومحاسبة كل من تثبت عليه تهم الفساد في هذا المجال، وأن تضع الحكومة على رأس أولوياتها فتح مشاورات وطنية مع المؤسسات والهيئات الحكومية وغير الحكومية ذات الصلة في الضفة والقطاع لبناء استراتيجية وطنية لتوطين الخدمات الطبية.
ودعت إلى ضمان إعادة النظر في نظام التحويلات الطبية كجزء من إعادة النظر في النظام الصحي القائم بشكل عام بحيث تكون الوجهة توطين الخدمة في المستشفيات الفلسطينية والحكومية بشكل أساسي مع وجود للمؤسسات الأهلية والقطاع الخاص كداعم ومكمل للنظام الصحي الحكومي وليس بديلا تنافسيا عنها.
من جهته أكد المستشار الصحي البروفيسور بسام أبو حمد، أنه لا توجد عدالة في نسب التحويلات الطبية بين قطاع غزة والضفة الغربية، موضحا أن الأرقام تبين أنه تم عمل 75 ألف تحويلة لمواطنين من الضفة مقابل 20 ألف تحويلة لمواطنين من غزة، خلال عام 2017.
وأوضح أبو حمد لصحيفة "فلسطين" أن عدد الفلسطينيين في القطاع مقابل عددهم في الضفة يشكل ما نسبته 40%، وإذا افترضنا أن نسبة الأمراض واحدة، فهذا يعني أن غزة يجب أن تحصل على 40% من التحويلات.
ورأى أن هذه الأرقام تعكس "تمييزًا" بين أهل غزة والضفة في موضوع التحويلات.
وخلال ورشة العمل أوصى أبو حمد وزارة الصحة بتحديد سلة الخدمات ووضع سياسة واضحة ومكتوبة ومنشورة، وتعزيز وجود التخصصات التي تشهد نقصا.
من ناحيته وصف منسق دائرة مراقبة التشريعات والسياسات في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان حازم هنية، قرار السلطة بأنه "غير علمي وغير مهني"، مبينا أنه يجب أن تسبقه مجموعة من الإجراءات والتفصيلات والسياسات والاستراتيجيات، وصولا لتوطين الخدمة الصحية.
ودعا هنية في كلمته إلى تعليق قرار وقف التحويلات للمستشفيات الإسرائيلية، وإعادة النظر فيه وتقديم المستلزمات الضرورية للوصول لتوطين الخدمة، موضحًا أن ذلك يحتاج مزيدا من دورات التأهيل والتخصصات النادرة.
بدوره قال منسق القطاع الصحي في شبكة المنظمات الأهلية د. عائد ياغي، الذي أدار الورشة: مع التأكيد على أهمية توطين العلاج في الوطن، لكن يجب أن يكون ذلك بناء على خطة استراتيجية طويلة الأمد تضمن توفر الخدمات الصحية.
وكانت وزارة الصحة في رام الله أرجعت في مارس/آذار الماضي قرارها وقف التحويلات الطبية إلى المستشفيات الإسرائيلية إلى اقتطاع (إسرائيل) مبالغ من الضريبة التي تجبيها شهريا لمصلحة خزينة السلطة، قائلة: إنها ستتكفل بإيجاد بدائل للمرضى في المستشفيات الحكومية والخاصة.