فلسطين أون لاين

​كيف تدير الإنفاق الشخصي؟

...
غزة- هدى الدلو:

في ظل الوضع الاقتصادي الصعب في قطاع غزة، وما يرافقه من دخل محدود لدى البعض، وانعدامه مع البعض الآخر، وكثرة المواسم والمناسبات كقدوم عيد الأضحى وما يهم به البعض من شراء الأضاحي، وملابس العيد والعيدية، ويليه موسم المدارس، والجامعات، وغيرها من المناسبات، يحتم على الشخص ترتيب أولوياته لمواجهة الواقع الاقتصادي، فما هي الخطوات العملية لمواجهة الأزمة..

فقال الداعية د. عبد الباري خلة المحاضر في كلية الدعوة للدراسات الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية: "يقول الله تعالى: "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا"، وفي الحكمة ما عالَ من اقتصد".

وأوضح أن المرء الذي يدير إنفاقه بشكل صحيح، ويُرشِّد استهلاكَـهُ بشكل شرعي لا يُصابُ بالفقر بإذن الله، مشيرًا إلى أن أبناء مجتمعنا يعيشون ظروفًا صعبة، فلا بد من الاعتناء بميزانية الفرد؛ وإعادة النظر في تصرُّفاتِنا الاقتصادية، ومن تعريفات علم الاقتصاد: " دراسة الجوانب المالية للسلوك البشري، أي كيف تتصرف بالمال.

ولفت د. خلة إلى أن المال نعمة من الله تعالى، تحفظُ ماء الوجه وتعين على الطاعة، قيل للتابعي ابن المبارك كَيْفَ ذَا؟ قَالَ: يَا أَبَا عَلِيٍّ، إِنَّمَا أَفْعَلُ ذَا لأَصُوْنَ وَجْهِي، وَأُكرِمَ عِرضِي، وَأَسْتَعِيْنَ بِهِ عَلَى طَاعَةِ رَبِّي.

وأضاف: "فالإسراف ممقوتٌ، والبخل مذمومٌ، والدين هو الاقتصاد، قال الله تعالى: "إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا"، ثم قال بعدها: "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا"".

وبين د. خلة أن من مظاهر عظمة دين الإسلام أنه نظَّمَ طريقة الإنفاق، ولم يسمح لمالك المال _نفسِه_ أن ينفقَـهُ في معصيةٍ أو إسراف؛ حفاظًا عليه وحفاظًا على المال، فلا تمسك يدك عن الإنفاق في سبيل الخير، مضيِّقًا على نفسك وأهلك والفقراء، ولا تسرف في الإنفاق، فتعطي فوق طاقتك، فيلومك الناس، فتندم على تبذيرك وضياع مالك.

ونبه إلى أن الإسْراف هو مُجاوزةُ الحد المطلوب، قال الله تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"، فكل ما أُنْفِقَ في غير طاعة اللّه فهو تبذير قليلًا كان أَو كثيرًا، فالنفقة القليلة في المعصية تبذير.

وأكد د. خلة أهمية المحافظة على قليل النعمة كالمحافظة على كثيرها، فكان النبي عليه الصلاة والسلام، إذا أَكَلَ طعاماً لعَق بأُصبعه ما في الإناء، وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا"، وهذا تدبير من النبي يعلِّمنا فيه كيف نحافظ على قليل النعمة.

وتابع حديثه: "فالمطلوب في إدارة الإنفاق المحافظة على قليل النعمة كما نحافظ على كثيرها، وفي المثل: (الرجل جنّى والمرأة بَنَّا)، أي: الرجل يجني المال والمرأة تبني بهذا المال، المرأة عليها أن تحافظ على المال وتدبره، كما يبذل الرجل خارج البيت في جَنْيِه".

وأوضح د. خلة أنه لذلك ينبغي علينا أن نواجه الواقع الاقتصادي بالاعتدال، فإذا جاء موسم من المواسم كالعيد أو المدارس أو الجامعات نجحنا في إدارة الأزمة والضائقة ورتبنا أولوياتنا.

وختم بحديثه عن خطوات عملية لمواجهة كل أزمة: "كالإنفاق بالمعروف والأكل والشرب والبيع والشراء من غير تبذير أو إسراف، أو تقتير بل وسطية هذا الدين، ولا بد من النظر برحمة إلى الفقراء والمساكين، وأن نتعهد أبناءهم وأن نطبق في حياتنا مبدأ التكافل الاجتماعي في الإسلام، وعلى ولي الأمر أن يقوم بمهمته ورعايته وبذله وعطائه فهو مسئول عن رعيته، ولا بد لنا نحن الخطباء والوعاظ أن نحث الأغنياء على الجود والعطاء لهؤلاء الفقراء والمحتاجين بهذا الترتيب والتنظيم تكون المواجهة والطريق إلى حل الأزمة".