في ظل زحمة التكنولوجيا وتطور العملات الرقمية التي انتشرت عبر مواقع الانترنت، أرادت إدارة موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن يكون لها نصيب من هذه العملات المتداولة على مستوى العالم.
وكشفت شركة "فيسبوك" النقاب عن مشروعها الجديد الذي تتعاون فيه مع 27 شركة ومؤسسة اقتصادية حول العالم، والذي يهدف إلى تدشين عملة إلكترونية جديدة تدعى "ليبرا".
وأوردت "فيسبوك" أن إطلاق العملة الرقمية الجديدة جاء من أجل منافسة العملات الأخرى وأهمها "البيتكوين" لتشجيع التجارة الالكترونية وتعزيز الإعلانات عبر منصاتها خلال 12 شهرًا.
ورغم أن مشروع "فيسبوك" الجديد لم يرَ النور بعد، إلا أنه لفت أنظار الكثيرين حول العالم، ممن يرغبون بالتعرف على آلية استخدام تلك العملة وأوجه الاستفادة منها.
وأورد تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، أن "ليبرا" عملة إلكترونية من المقرر إرسالها من وإلى أي مكان في العالم بشكل لحظي وبدون رسوم تقريبًا.
المختص في وسائل التواصل الاجتماعي أحمد بركات، ذكر أن عملة "ليبرا" تعتمد على تقنية "بلوك تشين"، والتي تجعل قضية التداول غير مركزي دون الحاجة لبنك مركزي.
تكلفة قليلة
وأوضح بركات خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، أن تكلفة نقل هذه العملة تكون قليلة كونها لا تمر عبر وسطاء، وتعمل ثورة في العملات الرقمية.
وأشار إلى أن إدارة فيسبوك تسعى إلى جعل تلك العملة ممنهجة، وأن يكون لها مصدر محدد، سيّما أنها تشترك مع شركات كبيرة مختصة في مجال العملات الرقمية.
وبيّن أن فيسبوك يضم قرابة 2 مليار مشترك من جميع أنحاء العالم، لذلك فإن وجود تلك العملة تسهل عملية البيع والشراء بين المستخدمين، خاصة الذين ليس لديهم بطاقات "ماستر كارد"، لافتًا إلى أن قرابة 60% من تعداد العالم لا يمتلكون حسابات بنكية.
وقال بركات، إن الهدف الأساسي لموقع "فيسبوك" من إطلاق العُملة هو زيادة عدد المشتركين على منصته من جهة، وزيادة هيمنته على العالم، عدا عن تسهيل الحياة والتعاملات المالية للمشتركين.
وختم حديثه بدعوة الفلسطينيين إلى زيادة وعيهم بمسألة العملات الرقمية، لأنها مستقبل البيع والشراء والتداول، وأفضل وسيلة لتسهيل حياة المواطنين.
ويتفق مع ذلك مدير مركز صدى سوشيال إياد الرفاعي، فرأى أن تعاقد إدارة فيسبوك مع شركات كبرى، يدلل على أنها ستصنع من نفسها البنك المركزي لهذه العملة، خاصة أن "فيسبوك" هو الأكثر تداول عالميًا.
وبيّن الرفاعي لـ"فلسطين"، أن العالم بدأ يتجه للتداول الالكتروني وهو ما دفع "فيسبوك" إلى ابتكار عملة رقمية لتسهيل خدمات المشتركين.
واعتبر أن وجود هذه العملة على "فيسبوك" خطوة مهمة، كونها تُمكن الحكومات من مراقبة أي عمليات تداول للعملات حول العالم. وعن نجاح تلك العملة، قال الرفاعي، إنه مرهون بمدى انتشارها بين المشتركين "لذلك ستركز فيسبوك على مدى انتشارها في الانترنت".
محاصرة الفلسطينيين
أما فيما يتعلق بتعامل الفلسطينيين مع عملة "ليبرا"، أوضح الرفاعي أن التحكم والسيطرة عليها سيكون بيد إدارة "فيسبوك"، وهو موقع أمريكي يخضع للسياسات الأمريكية.
ولم يستبعد أن تكون هذه العملة أداة جديدة لمحاصرة أعمال الفلسطينيين في مناحي حياتهم، خاصة في ظل الانتهاكات المستمرة للمحتوى الفلسطيني من إدارة "فيسبوك".
وعلى صعيد التداول الفلسطيني لهذه العملة ذكر الرفاعي، أن الأمور معقدة نظرًا لارتباط الاقتصاد الفلسطيني مع الاحتلال "لذلك ستبقى مسألة تداولها مرهونة بالإجراءات والسياسات المحلية"، وفق تقديره.
ولفت إلى أن كثير من الخدمات الالكترونية "محجوبة" وغير مفعلة في الأراضي الفلسطينية، ما يؤدي إلى تقييد التعامل الالكتروني للمستخدمين الفلسطينيين.
وتطمح "فيسبوك" إلى جعل هذه العملة متاحة أمام الجميع في أي مكان في العالم، ولكن هذا ربما يكون صعبًا في العديد من المناطق التي تكون فيها مواقع التواصل الاجتماعي ممنوعة مثل الصين وإيران.