المولد انفض.. والمخطط مستمر
عماد الإفرنجي
انفض "مولد البحرين"، ولم يظهر إلى العلن أي مشاريع استثمارية كما وعد الفتى كوشنير في مزاد بيع فلسطين بأموال خليجية، بيد أن أحد أهدافه تحقق متمثلًا في جمع العرب والإسرائيليين على مائدة واحدة لتلتقط وسائل الإعلام تلك الصورة وتبرز "إسرائيل" كأحد مكونات المنطقة الطبيعية!!
تعمل الإدارة الأمريكية وربيبتها "إسرائيل" على إعادة ترتيب المنطقة وفق أسس جديدة تكون الأخيرة محور الارتكاز فيها، ويتعامل معها الجميع لا سيما الدول العربية ليس فقط كدولة، إنما دولة صديقة تشاركهم العمل ضد العدو الذي صنع جديدًا وهو إيران.
وبذلك تكون إدارة ترامب قد حققت بعض أهدافها بإرساء مزيد من التقارب والتعاون بين العرب و"إسرائيل "من خلال سياسة العصا والجزرة مع عديد الأنظمة العربية، تمهيدًا لتطبيع العلاقات بشكل كامل بينهم، وبالمقابل فإن الخطة المزعومة لدعم الفلسطينيين وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية في غزة والضفة وبما يخدم المصالح الأمنية والاقتصادية اتضح أنها وهم جديد!!
المقاطعة الفلسطينية الرسمية والشعبية وحتى القطاع الخاص، وعدم مشاركة قوى عظمى مثل روسيا والصين ودول عربية وأجنبية عديدة، وتدني مستوى تمثيل الدول المشاركة والغضب الجماهيري الفلسطيني خاصة في غزة، والرفض الشعبي العربي، وعدم ظهور نتائج حقيقية على الأرض، تؤكد فشل "مولد البحرين"، وأن أي حل للقضية الفلسطينية دون إنهاء الاحتلال وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه لن يكون.
القراءة الموضوعية لما يجري تشير إلى أن المخطط الأمريكي "صفقة القرن" مستمر في تصفية القضية الفلسطينية سواء أعلنت الصفقة أو لم تعلن متبعة سياسة الخطوة خطوة حيث نقلت أمريكا سفارتها للقدس واعتبرتها عاصمة للاحتلال، وحجبت دعمها للأونروا وتعمل بقوة على شطبها وتوطين اللاجئين بمغريات مالية للدول المضيفة، واعترفت بسيادة "إسرائيل" على الجولان العربية السورية، وتخنق الشعب الفلسطيني بالحصار وتمنع عنه الأموال –باستثناء أجهزة التنسيق الأمني-، وتشرعن الاحتلال وتجمل صورته، وتعد الاستيطان لا يشكل عائقًا أمام السلام،وتجتهد في تحقيق رؤية نتنياهو فيما يسمى بالسلام الاقتصادي، والخطة القادمة المتوقعة في أي لحظة الاعتراف بسيادة "إسرائيل" على الضفة الغربية.
الأنظار الأمريكية تتجه إلى الضفة، وربما مشاركة فريدمان وجرينبلات أمس في افتتاح نفق تحت بلدة سلوان في القدس المحتلة يعزز مقصدي، وقد تمتد إلى تنفيذ مشاريع بعناوين إنسانية أو اقتصادية في أراض لا تخضع للسلطة، فالضفة هي أرض المعركة الحقيقية الجارية مع الاحتلال.
الفريق الأمريكي (فريدمان –كوشنير-جرينبلات) يخططون وينفذون ما يستطيعون من خطتهم وقد يتخذون خطوات تكتيكية هنا أو هناك أو تغيير في الأسلوب لإدارة الملف وأحيانا بغطاء عربي، لكن بالمجمل هم ماضون في خطتهم ما يوجب على القادة الفلسطينيين الحذر والانتباه لكل خطوة أو مشروع يطرحوه، ويفرض على الدول العربية والإسلامية دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة بكل الوسائل وأولها وقف التطبيع.
الفلسطينيون اتخذوا قرارهم الموحد والواضح أن مقايضة الوطن بالمال سراب، واستبدال الحقوق الوطنية بالحاجات الإنسانية من خلال مشاريع الكهرباء والمياه وفرص العمل والبنية التحتية لن تنجح، وإدارة الحياة تحت الاحتلال عبر تقديم مغريات مالية واقتصادية دون إنهاء الاحتلال "حدوتة" فاشلة.