"القدس تحتل المرتبة السادسة في نتائج البحث باللغة العربية، والمرتبة الرابعة في نتائج البحث باللغة الإنجليزية، إن المتابع لوسائل الإعلام -وبالأخص العربية- المسموعة منها والمرئية والمقروءة ليلحظ بوضوح غياب القدس وأخبارها وقضاياها، بصفتها قضية جوهرية، فنرى الفضائيات العربية التي تحظى بشهرة واسعة ومشاهدة عالية تتناقل البرامج الغنائية والمسلسلات الأجنبية ومشاهد الفكاهة حتى أصبح مسلسل معين ومجريات أحداثه حديث العائلة وقضية العصر، وبالعودة لقضية القدس نراها تحتل خبرًا لا يتعدى دقائق قليلة في أفضل الأحوال لنجد شعبًا عربيًّا لا يعلم عن القدس إلا اسمها.
فلماذا غابت القدس عن الساحة الإعلامية؟، هل كان ذلك بسبب عدم وجود أخبار وأحداث تستحق أن تذكر؟!، أم بسبب بعدها الجغرافي واحتجابها فلم يعد أمرها يعنينا كثيرًا؟!، أم بسبب وجود قضايا أكثر أهمية منها، ولا سيما الإقليمية، وقضايا التنمية المستدامة وأسواق المال، والمباريات والمسابقات؟!، كأنهم لا يدركون دور القضية الفلسطينية -والقدس جزء منها- في تشكيل الخريطة الوجودية للمنطقة بأسرها من حيث السياسة والاقتصاد والأمن والاستقرار، وغير ذلك مما يخطر ببالهم أو يعزب عنه.
في القدس تجري كل يوم أحداث مهمة كثيرة، ويكفي ما يعانيه سكانها من تهجير وهدم لبيوتهم، إذ أصبح الاحتلال يسلم إخطارات بالهدم لأحياء كاملة بدلًا من أن يهدم بيتًا هنا وآخر هناك، والقدس ليست بعيدة عنا، إلا إذا كان ما قاله إميل حبيبي صحيحًا من أن "القمر أصبح أقرب إلينا من تينتنا القمراء"، ولندن أقرب إلينا من القدس، فليس هناك ما هو أهم من العاصمة الدينية والسياسية التي تهود صباح مساء دون أن يحرك العرب ساكنًا، إن الجريمة التي ارتكبت بحق فلسطين وشعبها، وبحق المدينة المقدسة لجديرة بأن تظل فعالة تحرك النظام والمواطن على حد سواء، وتستصرخ الأمة صباح مساء حتى تحريرهما، فإذا بدر ما يسترعي الانتباه ويستوجب الاهتمام أعطي حقه، ولكن ليس على حساب القضية.