فلسطين أون لاين

​دلالات توقيت فتح النفق

تعمد السفير الأمريكي لدى الكيان العبري دافيد فريدمان الظهور في فيديو وهو يضرب بمعول أحد الجدران، لافتتاح نفق باتجاه المسجد الأقصى، وكأنه بهذا الظهور يوجه رسالة للعرب والمسلمين والفلسطينيين، أن حضارتكم وقيمكم ورايتكم انهارت وتواصل الانهيار، وأن الحضارة والقيم اليهودية تنتصر، بقوة معولها وسواعدها وطريقة تفكيرها، ومعها النموذج الغربي للإنسان والحياة للرقي الحضاري.

ما كان لأمريكا أن تشارك في افتتاح نفق استيطاني، أسفل حي وادي حلوة ببلدة سلوان بالقدس المحتلة، بمشاركة السفير الأمريكي دافيد فريدمان ومبعوث البيت الأبيض للسلام جيسون غرينبلات، لو لم يكن حال العرب والفلسطينيين على ما هم عليه من هوان وانقسام، ولولا مشاركة حكام عرب في مؤتمر وورشة البحرين التصفوية للقضية الفلسطينية.

لاحظ أن أقصى ما حصل عربيًّا وفلسطينيًّا هو بيانات الشجب والاستنكار، وهو ما كان متوقعًا من العرب والفلسطينيين، وكأن الشجب والاستنكار يطعم من جوع ويسقي من عطش، ويؤمن من الخوف، ويشفي صدور قوم مؤمنين.

ما دلالات توقيت مشاركة المبعوث الأمريكي غرينبلات، والسفير الأمريكي فريدمان في افتتاح عمليات حفر النفق؟، جاءت عملية افتتاح النفق بعد عقد ورشة البحرين الممهدة لصفقة القرن، وبعد أخذ الموافقة من حكام العرب الذين شاركوا في الورشة التصفوية، الذين لم يقدروا على مقاومة الضغوط الأمريكية وارتهنوا للقرار الأمريكي، ليجيء الرد من الطيب أردوغان أنه على استعداد لإعطاء الاحتلال 50 مليار دولار ليتركوا فلسطين المحتلة، وهو حجم المبلغ الذي أشهرته أمريكا لبيع فلسطين، واهمة حالمة.

صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قال ردًّا على افتتاحهما النفق: "غرينبلات وفريدمان يقومان بكل ما من شأنه تحقيق الازدهار للاستيطان الاستعماري العنصري"، وهذا لا يخفى على أحد، أما قول عريقات: "إن الخطوة إهانة إضافية للقانون الدولي"، فإن القانون الدولي والمجتمع الدولي لا تتحكم فيه قوة القانون، بل القوة العسكرية التي تلوح بها أمريكا أمام العالم لتركعه وتبقى تسيطر عليه.

بافتتاح النفق يريد الاحتلال تزوير تاريخ القدس، وتغيير هوية البلدة القديمة للقدس المحتلة وطابعها، خصوصًا الحرم القدسي الشريف والمواقع الملاصقة له، وبناء جبل الهيكل لاحقًا، وسيمضي في ذلك ما دام أقصى رد عربي وفلسطيني هو بيان شجب واستنكار صغيرًا وباهتًا، وكأنه كتب على عجل واستحياء.

تشكيك صحيفة "هآرتس" العبرية في تاريخ هذا النفق، الذي يربط بين وادي حلوة في سلوان وحائط البراق، الذي زور وغير اسمه الاحتلال إلى (حائط المبكى)؛ دليل أن الاحتلال يمعن في سياسة التزييف والتزوير على أمل إيجاد موطئ قدم تاريخي لليهود –ولو مزيفًا- فوق الأرض الفلسطينية، وخاصة القدس المحتلة.

في كل الأحوال لن ينفع الاحتلال افتتاح النفق ولا تزوير التاريخ، ولا مواصلة عدوانه، ولن ينفع أمريكا المضي قدمًا في دعم الظلم المتمثل في الاحتلال، وما كل ما يجري من استخفاف بمشاعر ومقدسات العرب والمسلمين إلا سحابة صيف سرعان ما تنجلي، ليبقى الأصيل المتجذر فوق الأرض، ويرحل من استجلب بخداع فكري أو طمع مادي عن فلسطين إلى دولهم التي أتوا منها، غير مأسوف عليهم.

--