اليوم الثلاثاء الموافق 24/6 يوم إضراب عام في قطاع غزة، ومن ثم عقد مؤتمر وطني فلسطيني تمام الساعة السادسة بإشراف لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية، فهل انعدم تنسيق الفعاليات بين غزة والضفة الغربية؟ ولماذا ألغوا الإضراب العام في الضفة الغربية، واستعاضوا عنه بمسيرات داخل المدن لثلاثة أيام؟
الكاتب الإسرائيلي عاموس هرئيل أجاب عن هذا السؤال حين قال: إن السلطة الفلسطينية ألغت الإضراب المقرر يوم الثلاثاء المقبل احتجاجا على صفقة ترامب وورشة البحرين بناءً على تقديرات جهاز الشاباك الإسرائيلي.
وأضاف هرئيل: إن الأمور ستسير بكل هدوء داخل مدن الضفة يوم الثلاثاء المقبل، وإن السلطة تعهدت بحفظ الأمن والتنسيق مع (إسرائيل) لمواجهة أي طارئ.
لقد جاءت تصريحات القيادة الفلسطينية مؤكدة لخبر إلغاء الإضراب العام الذي دعت إليه القوى والوطنية الإسلامية، وهذا ما أكده عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جمال محيسن الذي قال: إن إلغاء إضراب الثلاثاء جاء بسبب امتحانات الثانوية العامة! ونسي جمال محيسن أن يوم الثلاثاء سيمر على طلاب غزة والضفة الغربية دون امتحانات.
اختلاف الفعاليات بين غزة والضفة الغربية خطيئة، لأن وحدة الحال تعني وحدة الموقف، ووحدة الموقف تعني الشراكة ووحدة القرار الميداني، الذي قد يتطور إلى مواجهات وصدامات لها ما بعدها من تأثير مدمر على لقاءات البحرين، وقد تبطل مفعول الصفقة الاقتصادية من أساسها.
ومن المؤسف أن حركة فتح قد أعلنت عن إلغاء الإضراب، وقالت: إن تعديلًا طرأ على الإضراب الذي كان مقررًا يوم 25 يونيو/حزيران، إذ سيعدَّل إلى مسيرات رافضة لمؤتمر البحرين تستمر لمدة 3 أيام (24 و25 و26) من الشهر ذاته.
عدم إضراب المرافق العامة والمؤسسات والمحلات التجارية في الضفة الغربية أسوة بغزة يقدم نموذجاً سلبياً للاحتلال الإسرائيلي، ويشير إلى جدية السلطة الفلسطينية في لجم أي فعاليات تتجاوز إطار المدن، وتشير إلى استخفاف السلطة الفلسطينية بالقوى الوطنية والإسلامية، وبكل ما صدر عنها من بيانات ونداءات وبرامج عمل، ويؤكد أن الحديث عن إلغاء فعاليات الإضراب قد جاء بأمر من السيد عباس، بعد التقائه مع رئيس جهاز الشاباك نداف أرغومان قبل أيام.
اختلاف الفعاليات بين الضفة الغربية وغزة يعكس عدم الجدية في التصدي لصفقة القرن رغم كثرة التصريحات والشعارات والخطابات الرافضة، فكل الكلام لا يغني عن فعل واحد، أشار إليه بوضوح كوشنير، الذي قال: إن الأمن هو الأساس لتشجيع الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة، "ولا يمكن تطبيق الخطة الاقتصادية لصفقة القرن دون سلام واستتباب للأمن".
الأمن هو الأمن، هذا ما أشار إليه كوشنير، الأمن هو أهم ركيزة لتطبيق صفقة القرن، ومن هنا جاء إلغاء الإضراب العام، وإلغاء الدعوة التي أطلقتها القوى الوطنية والإسلامية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي في كل نقاط الاحتكاك على أرض الضفة الغربية، وذلك لتحقيق الأمن الذي يطالب به كوشنير لتطبيق الصفقة.
فما العمل في ظل هذا الواقع الفلسطيني القائم على رفض ورشة البحرين بالكلام، والعمل على تطبيقها عملياً؟
الجواب يكمن في قبضات شباب الضفة الغربية، وفي زغاريد الصبايا، هؤلاء هم القادرون على مفاجأة عدوهم، وهم القادرون على تهشيم الأمن، وهم القادرون على مد جسور الرعب بين المستوطنات اليهودية، وهم القادرون على خلق واقع ميداني جديد، يفرض نفسه نداً على طاولة النقاشات في ورشة البحرين، ولن يموت الرجاء.