فلسطين أون لاين

​المفكر والمؤرخ الفلسطيني عبد القادر ياسين لـ"فلسطين":

"ورشة البحرين" بوابة "صفقة القرن" ومسلسل التنازلات.. والسلطة مهيأة للانخراط فيها

...
صورة أرشيفية
القاهرة-غزة/ يحيى اليعقوبي:

حذر المفكر والمؤرخ الفلسطيني عبد القادر ياسين، من خطورة "ورشة البحرين" الاقتصادية التي ستعقد نهاية الشهر الجاري، بدعوة أمريكية، معتقدًا أن هذا الحدث له ما بعده لكونه بوابة أمريكا وحلفائها أمام تنفيذ بنود "صفقة القرن" الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية ومسلسل التنازلات بعد ذلك.

وقال ياسين المقيم بالقاهرة في حوار خاص بصحيفة "فلسطين": إنه سبق "ورشة البحرين" ثلاث ضربات للقضية الفلسطينية لتمرير "صفقة القرن"، أولاها الاعتراف الأمريكي بالقدس "عاصمةً" مزعومة للاحتلال الإسرائيلي، ثم الاعتراف الأمريكي بـ"سيادة" الاحتلال على الجولان السوري المحتل، ثم وقف الدعم الأمريكي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

ويضع ياسين احتمالين لما ستؤول إليه الأمور في "ورشة البحرين"، الأول عدم حضور أي طرف فلسطيني للورشة، وقد تقوم الجهات القائمة عليها من الأمريكان بإحضار شاهد زور يمثل الفلسطينيين، والثاني زعم الوكيل العربي من الأطراف الحاضرة أنه "حصل على موافقة العروس التي خجلت من الظهور أمام بقية المدعوين، في إشارة إلى السلطة الفلسطينية.

ومن المقرر أن تعقد الورشة الاقتصادية بالعاصمة البحرينية المنامة في 25 و26 حزيران/ يونيو الجاري، والتي دعت إليها الولايات المتحدة الأمريكية، ويتردد أنها تنظم لبحث الجوانب الاقتصادية لـ"صفقة القرن"، وفق الإعلام الأمريكي.

وتلاقي الورشة رفضًا فلسطينيًّا واسعًا من الفصائل الوطنية والإسلامية والهيئات الشعبية وكذلك من السلطة، حيث يتردد أن "صفقة القرن" تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات كبرى للاحتلال.

عقوبات السلطة لغزة

ولا يستبعد أن تعقد جلسة خاصة بين الاحتلال ودول عربية تتخذ خلالها الأخيرة إجراءً مناكفة ضد الفلسطينيين، مضيفًا: "كنت أتمنى أن يقوم رئيس السلطة محمود عباس برفع العقوبات التي يفرضها على قطاع غزة".

ويعتقد أن استمرار العقوبات على غزة له علاقة حميمية بـ"صفقة القرن"، مبينًا أن تجويع أهالي القطاع هدفه دفعهم لإعطائهم لقمة العيش أولوية في تفكيرهم، وتبني أي أفكار تقيهم من هذه الأزمة، رغم أن عباس وعد في إبريل/ نيسان 2018 خلال اجتماع المجلس الوطني بأن العقوبات ستنتهي ومع ذلك استمرت.

وقال: "إن صفقة القرن جاهزة منذ مدة، وهي مهيأة للطرح في ظل الوضع الرسمي العربي المتردي الذي يغري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تنفيذ كل ما يحلم به هو وحلفاؤه الإسرائيليون، خاصة أن أمريكا ترى أن هناك بعض الدول العربية تحث الخطى للتطبيع مع (إسرائيل) منذ سنوات، بالتالي ستكون ورشة البحرين فرصة لتكريس خطط الدول العربية نحو التطبيع".

ووفق ياسين، فإن "ورشة البحرين" ستسرع خطوات التطبيع مع الاحتلال من بعض الدول العربية المتلهفة لذلك، وبالتالي ستلحق ضررًا كبيرًا بالقضية الفلسطينية، وستفتح الباب أمام تنفيذ بنود الصفقة، وهذا ما يفسره تخبط دول عربية في إعلان بعضها رفض الحضور كلبنان والعراق وبعضها أكد حضوره وبعضها التزم الصمت.

ويرى أن الصفقة تتضمن فضلًا عن طرح "صفقة القرن"، تكريسَ التطبيع ليكون أمرًا واقعًا، ما يعني أن أمريكا و(إسرائيل) وجهتا ضربة قاسمة للكفاح الوطني والعمق الاستراتيجي العربي للقضية الفلسطينية.

انخراط عربي

كما يعتقد أن معظم الأنظمة العربية منخرطة تمامًا مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي في تصفية القضية الفلسطينية، مبينًا أن السلطة لا تستطيع رفض الصفقة أو مقاومتها؛ لأنها غير مؤهلة لمواجهة التحديات، عدا عن أن برنامجها ليس برنامج مواجهة.

واستدرك أن السلطة مهيأة للانخراط بـ"الصفقة" بالمحافظة على منافعها الذاتية الضيقة، لذا هي لفظيًّا ضد الصفقة، لكن عمليًّا هي معها، وأول شاهد على التأييد استمرار العقوبات المفروضة على غزة.

ولفت إلى أن الصفقة ستواجه مقاومة ما في غزة، لكن في غياب موقف عربي وفلسطيني موحد ضد الأمريكان سيكون الواقع "صعبًا للغاية".

وبشأن التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، أكد ياسين أنها تتعلق بتفكير قيادة السلطة واعتقادها أنها إذا أبدت حسن نيتها بقبر المقاومة فإنها ستحصل على دولة مستقلة من الاحتلال، وهي لا تدرك أن أمريكا والاحتلال لا يملكون إلا مشروعًا واحدًا لتصفية القضية الفلسطينية وليس تسويتها.

وبشأن المقومات الفلسطينية لمواجهة الصفقة، شدد ياسين على أن التحدي الأكبر اليوم يتعلق بكيفية مواجهة الحركة الوطنية الفلسطينية لمشاريع التصفية بموقف فلسطيني قوي وموحد، يستند لجبهة متحدة تقوم على برنامج إجماع وطني، لإسقاط كل الذرائع الرسمية العربية بأن الفلسطينيين منقسمون.