عام دراسي مضنٍ وشاقٌّ قد مضى، وتطل علينا عطلة جميلة بعد أشهر من الجد والاجتهاد وبذل الجهد، وهي مطلب جسدي ونفسي بالراحة والاسترخاء، لكن السؤال دوما: كيف ذلك؟
ننتظر الإجازة بفارغ الصبر ونعد لها خططا وبرامج عديدة ومتنوعة، ومع قدومها لا ننفذ ربع ما تمنينا أو فكرنا بتنفيذه، وغالباً ما نلقي اللوم على الظروف والإمكانات المتاحة، فهل تخطيطنا قاصر أم ضغوطات الحياة وعدم توفر الإمكانات السبب؟ لكن تعالوا معي لنتفق أولاً على أنه من الضروري جداً استثمار الإجازة إيجابياً وفق الممكن والمتاح، بعيداً عن ضغوطات اللحظة، واستحضار حالة الرغبة في الاستمتاع لا التخلص من حالة التعب فقط، كما أن الاستمتاع لا يعني مطلقًا إهدار الوقت وقتله. صحيح أنه من الجميل قضاء عطلة صيفية ممتعة، لكن الأجمل الجمع بين الاستفادة والمتعة، ومن أهم النصائح المقترحة لقضاء عطلة صيفية مفيدة وممتعة:
بداية راحة البدن بعد التعب ضرورية جدًا، لاستعادة النشاط والحيوية دون الوصول لدرجة إهدار نعمة الوقت والفراغ، فهذا تجاوز شرعي، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم قد حذر من إغفال الناس هذه النعمة وعدم تقديرها، فقد قال: "نعمتان مَغبون فيهما كثيرٌ من الناس؛ الصحة والفراغ". لذا وجب وضع خطّة تحدّد كيفية قضاء فترة الإجازة الصيفية، منذ الشروع فيها؛ لكي يكون التدبير ناجحًا، وأن تكون متنوعة ولا منهجية بالدرجة الأولى، وغنية بالأنشطة والبرامج المتنوعة، كتخصيص بعض الوقت لقراءة الكتب المفضلة والمحببة لنا والمجلات العلمية النافعة ومشاهدة بعض البرامج العلمية النافعة، والقيام بالأنشطة الثّقافية والحرص على حضور الندوات العلمية، لما في ذلك من شحذ للذهن، واكتساب الرصيد المعرفي. وقبل ذلك كله الحرص على تنظيم أوقات النوم وعدم الاستغراق فيه كثيرًا؛ لأن الإفراط في النوم بكثرة يؤدي إلى الكسل والخمول. ومن أروع ما يمكن فعله في إجازة الصيف، التفرغ لتنمية الهوايات الشخصية مثل الرسم والقراءة والكتابة وغيرها، فالالتحاق بالمعاهد التدريبية والنوادي الصيفية أمر رائع، ويجدد الطاقات الكامنة.
ولا تنسَ جانب تعزيز الجسد والبدن من خلال مزاولة بعض الأنشطة الرياضية والمداومة عليها، خاصّة في الفترة الصّباحية، واجعل لروحك نصيب الأسد في الراحة والاستمتاع، فاحرص على صلة الرحم وزيارة أفراد العائلة وممارسة الأعمال التطوعية، مثل: زيارة بيوت رعاية الأيتام، أو زيارة دار المسنين وقضاء بعض الوقت معهم، ومساعدة الأهل في الأعمال المنزلية، والمساعدة في صيانة المنزل إذا لزم الأمر.
تعلم مهارة صيانة الأشياء وقطع الأدوات المنزلية والأثاث، أو إعادة تدويرها، ومحاولة بيع الأدوات القديمة غير المستخدمة. طور مواهبك وتعلم مهارات جديدة. نفذ مهامك المؤجلة فكثيرًا ما تقول يا إلهي لو كان لدي بعض الوقت لفعلت كذا وكذا. وأفضل مكافأة يُقدمها الشخص لنفسه هي أن يُمتعها بأيامٍ جميلة في الإجازة، وأن يستثمر أوقاتها في تقديم الدعم لنفسه، سواء كان دعمًا روحيًا أو معنويًا، فالقلوب تصدأ والأرواح تمل، لكن الإجازة الصيفية للبعض تعد حلماً كبيراً ونوعاً من أنواع الرفاهية المعدومة، إذ إن البعض لا يملكها ولا يستطيع أن ينال ولو بضع أيامٍ قليلة منها، لذلك هي نعمة لمن تُتاح له، وفرصة لإعادة استجماع القوى من جديد، وتهيئة النفس للانتقال من مرحلةٍ إلى أخرى بما يُرضي الله ويشبع رغبات النفس.