فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

"هند رجب" تحوَّل رحلة استجمام لضابط "إسرائيليّ" إلى مطاردة قانونيَّة بقبرص.. ما القصَّة؟

ترامب وإعادة رسم الجغرافيا السياسية للمشرق العربي

بخيام مهترئة.. النَّازحون في غزَّة يواجهون بردِّ الشِّتاء والمنخفض الجوِّيِّ

تقارير عبريَّة: هكذا هزمتنا فلسطين إعلاميًّا.. وأبو شمالة يعلِّق: الاعتراف نتاج للواقع الميدانيِّ بغزَّة

دبلوماسيّ سابق لـ "فلسطين أون لاين": استمرار الحرب على غزَّة يساهم في شلِّ قدرة الاحتلال

أوقعتْ 20 قتيلًا.. الداخليَّة بغزّة توضح تفاصيل حملةً ضد عصابات سرقة شاحنات المُساعدات

إنَّهم يألمون.. حزب اللَّه يكشف عن مصير ضبَّاط إسرائيليِّين توغَّلوا في لبنان (فيديو)

"ملحمةُ الطُّوفان".. القسّام تبث مشاهد لمخلفات جنود قتلى وبدلة ملطخة بالدماء في معارك شمال غزّة

تعذيب عبر "فتحة الزنزانة".. شهادات جديدة لأسرى من غزَّة يكشفون كيف تفنَّن الاحتلال في تعذيبهم

ضيف غير مرحَّب به بملاعب أوروبَّا.. هزائم رياضيَّة بأبعاد سياسيَّة لـ (إسرائيل)

بفعل تشديد الاحتلال حصاره البحري لقطاع غزة

"جربوع" و"بكر" و"الهبيل".. صيادون وشباك بلا أسماك

...
الزميل نبيل سنونو يحاور الصيادين الثلاثة
غزة-نبيل سنونو

تصبب الصياد زياد جربوع عرقا بجوار شباكه الفارغة وضرب كفا بكف، في ساعات الظهر دون أن يتمكن من اصطياد حتى سمكة واحدة من سمك السردين الذي يقارب موسمه على الانتهاء، بفعل تشديد الاحتلال الإسرائيلي حصاره البحري لقطاع غزة.

وأشغل "جربوع" نفسه في مكان عمله بميناء الصيادين في غزة، بصيانة شباكه الخاوية، بدلا من ممارسة مهنته.

وبنبرة رقيقة غلب عليها الحزن، قال جربوع لصحيفة "فلسطين": "آخر مرة نزلنا على البحر كان من خمسة أيام"، ما يعني أنه سيعود مجددا إلى أسرته المكونة من 17 شخصا دون قوت يومهم.

وتتبع سلطات الاحتلال سياسة التضييق والحصار بحق قطاع غزة، ولطالما لاحقت صياديه في عرض البحر وأصابت بعضهم بالرصاص الحي، واعتقلت آخرين.

ورغم ادعاءاتها إلغاء تقليص مساحات الصيد أحيانا، فإن الصيادين لا يتمكنون فعليا من ممارسة مهنتهم إلا في نطاق ضيق.

وانهمك جربوع في تفقِّد شباكه التي لم تظفر بما يتمناه من السمك، قائلا: هذا الحصار الذي يفرضه علينا الاحتلال "قاتل"، فهو يحاصرنا في قوت يومنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وفي مثل ذلك الوقت كان يفترض أن ينشغل جربوع وزملاؤه في التنافس في صيد السمك.

لكن جربوع لم يستسلم لواقع الحصار، وهو مستمر في الحضور إلى الميناء منذ أن تشق أشعة الشمس طريقها إلى الأرض والبحر، ريثما يتمكن من اصطياد السمك، متسلحا بحقه في وطنه، الذي عبر عنه الشاعر محمود درويش بقوله: "هذا البحرُ لي..".

وفي المرة الأخيرة لم يتمكن الصيادون في غزة من اصطياد سوى ما يعرف بـ"سمك السردين البذرة" على بعد ميل أو اثنين فقط.

أما الصياد خالد الهبيل فقضى جل وقته في الحديث مع زملائه الذين باتوا بلا مصدر دخل في ظل تشديد الحصار.

وبجوار قاربه الساكن منذ فترة، قال الهبيل لصحيفة "فلسطين": نأتي إلى الميناء التي تشكل متنفسا لنا، ونتفقد أدواتنا وشباكنا وقواربنا، لكننا نقضي الوقت دون صيد.

وتساءل: في عصر الإنترنت والفسيبوك نرى قوارب الصيادين حول العالم وشباكهم الممتلئة بالأسماك عبر مقاطع الفيديو، فلماذا نحن دون شعوب العالم لا نتمكن من الصيد في بحرنا؟ مردفا: نحن الشعب الوحيد المحتل في العالم، والاحتلال يحاصر البحر.

حنين لـ"البكلاه واللوكس"

"نفس النظام"؛ هذا ما قاله الصياد الخمسيني جمال بكر معبرا عن حاله الذي يتطابق مع حال زملائه.

لكنه أضاف لصحيفة "فلسطين" أن معاناة الصيادين تمتد لمنع الاحتلال الإسرائيلي إدخال أنواع من شباك الصيد، ما يضطرهم إلى "ترقيع" ما يتوفر منها، كما أن هذا المنع يضاعف أسعار الشباك المتوفرة؛ بحسب بكر.

وعدا عن ذلك فإن الاحتلال يمنع إدخال أدوات الصيد لقطاع غزة.

وبكر هو أب لسبع بنات وشاب متزوج في المنزل نفسه.

"زاد الطين بلة"؛ هذا هو تعبير بكر عما سببه تشديد الحصار لأسرته، مضيفا: إذا لم أتمكن من اصطياد السمك لن يتوفر لدي قوت يومي، "أنا كالسمك إذا أُخرجت من الماء أموت".

وبات الرجل غير قادر على الإيفاء حتى باحتياجات ومصروف ابنته الصغرى (10 أعوام).

وأوضح أنه لا بديل عن مهنة الصيد، مؤكدا أن الاحتلال يكذب على العالم حينما يعلن عن إلغاء تقليص مساحات الصيد.

وينطبق الحال على "جربوع" الذي يعيل أسرة ممتدة، مشتكيا من اضطرار كثير من الصيادين إلى اللجوء للاستدانة للتمكن من سد رمق الحياة.

وتابع: كلما يحل موسم يكون فيه الصيد ممنوعا يعاني الصيادون، وحتى إذا توفر معهم القليل من المال قد ينفقونه على إصلاح أعطال في القوارب أو محركاتها، ويضطرون إلى الاستدانة من أصحاب المحلات التجارية لتوفير مستلزماتهم المعيشية، وعندما يتمكنون من الصيد في نطاق محدود يسدون جزءا من الديون ويبقى جزء آخر.

وحمّل الصياد، الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية ما آلت إليه أوضاع الصيادين.

ويشترك الصياد "الهبيل"، وهو لاجئ ينحدر من قرية الجورة، مع سابقيه في المعاناة، قائلا: عندما لا يتوفر مصدر دخل لنا "نهرب" من بيوتنا، ولولا الدقيق الذي نحصل عليه من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لما تمكنا من توفير الخبز؛ بسبب الحصار المشدد منذ 13 سنة.

وحذّر من استمرار الحصار، مبينا في الوقت نفسه أن عودة قطاع الصيد إلى العمل بالشكل الطبيعي يحتاج إلى العديد من الإمكانات التي أعاق الاحتلال توفيرها من المحركات والشباك وغيرها.

ويحنّ "الهبيل" إلى اصطياد سمك "البكلاه" و"السلطان إبراهيم" و"اللوكس" بأنواعه المختلفة، في مثل هذا الوقت الذي يفترض أن يشكل فرصة ذهبية للصيادين.

وأشار بيده إلى العديد من القوارب التي أنفق الصيادون الغالي والنفيس لتطويرها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، مبينا أن المحرك والكشافات للقارب الواحد تكلف نحو 40 ألف دولار أمريكي، لكن الصيادين لا يستطيعون توفير حتى ربع هذا المبلغ.

وبقي الصيادون في مواقعهم، وعيونهم تصبو إلى البحر، وقد تحسروا على موسم السردين الذي يبدأ من 15 أبريل/نيسان حتى 20 يونيو/حزيران؛ بحسب "الهبيل" الذي يقدر عدد الصيادين في قطاع غزة بنحو 3800.

وبلهجة غزية عامية قال "الهبيل": "بدنا الاحتلال يفك عنا (يرحل عن أرضنا)".