للوهلة الأولى، ربما يدفع التوتر الحاصل في غزة عقب تكرار إطلاق الصواريخ الحكومة الإسرائيلية نحو تطبيق التفاهمات المتفق عليها مع الفلسطينيين، رغم أن رد الفعل الأولي قد يكون تصعيدا ميدانيا، لكن الجيش كما يبدو يريد تمرير فصل الصيف في غزة بهدوء، والتفرغ للجبهة الشمالية، ما يتطلب منه أن يقنع المستوى السياسي بضرورة تطبيق تلك التفاهمات في غزة.
ليس سراً أن الفلسطينيين تأملوا أن تنتهي الانتخابات السابقة في إسرائيل، بتشكيل حكومة جديدة، ولهذا عاش الجانبان أكثر الأيام الهادئة التي سبقت الذهاب لصناديق الاقتراع، وحينها لم يتم الاكتفاء بإدخال عشرات الملايين من الدولارات لغزة، بل الاتفاق على تنفيذ مشاريع كبيرة لتخفيف الضغط الاقتصادي في القطاع.
يعيش الواقع السياسي الإسرائيلي بين المطرقة والسندان، فالإسرائيليون يريدون أن يتقدموا بتحقيق التفاهمات مع حماس بوساطة مصرية، ومن جانب ثانٍ ليس هناك أحد في إسرائيل يمكن الحديث معه، فالكل مشغول بترتيبات الانتخابات المقبلة.
وفي الوقت الذي تبدو فيه الجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا مشتعلة، والضفة الغربية ليست أقل توترا، فهناك خشية جدية من استغلال هذه الفترة الزمنية الحرجة، من خلال نشوب مواجهة غير متوازنة مع غزة.
الأوضح من ذلك أن الفلسطينيين معنيون بتحقيق التفاهمات المتفق عليها، ولذلك يتصرفون بمنتهى الحذر، ويلعبون بأدوات صغيرة كالبالونات الحارقة، والمتفجرة، والاحتجاجات على الحدود، وكما في كل يوم جمعة مسيرة حدودية، وهي كلها وسائل يحافظون من خلالها على البقاء على أجندة النقاش المحلي والإقليمي، والتأثير عليه.
اليوم، بعد إدخال الأموال القطرية، والشروع في مباحثات حول مشاريع لتحسين الكهرباء، بات واضحا أن الفلسطينيين في غزة يسعون لدفع إسرائيل لتنفيذ خطوات إيجابية تجاههم، أما في الجانب الإسرائيلي فيزداد الإحباط، فالحكومة تريد الهدوء والأمن من جهة، ومن جهة أخرى لا تبدي استعدادا كما لو كانت تقدم هدايا وأثمانا للفلسطينيين في غزة.
صحيح أن هناك رغبة إسرائيلية لاستعادة الردع أمام حماس، لكن إسرائيل تعلم أن توجيه ضربات مؤلمة إلى غزة كفيل بتدهور الوضع الأمني لمواجهات عنيفة قد تقربنا من معركة خطيرة، وربما تصل الأمور إلى حرب شاملة لا أحد يريدها.
القناعة السائدة في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أن الأشهر القادمة بانتظار تشكيل الحكومة الجديدة قد تشهد توترا شديدا على طول حدود غزة، ولذلك لا يجب الانتظار حتى تشتعل الحقول الزراعية بالبالونات الحارقة، بل يجب الضغط على المستوى السياسي في إسرائيل لتهدئة الساحة الفلسطينية في غزة.