يُصر تلفزيون فلسطين التابع للسلطة في رام الله، على المُضي في سياسة التحريض ضد قطاع غزة عبر تقارير تلفزيونية مليئة بلغة الحقد والكراهية عن أحداث الانقسام التي وقعت سنة 2007.
وبثّ تلفزيون فلسطين يوم الجمعة تقريرًا يسترجع أيام الاشتباكات الداخلية التي سبقت أحداث حزيران في 14/6/ 2007م، منحازًا فيه إلى رواية واحدة ضيقة ومتجاهلًا المسببات التي أدت إلى حالة الاحتقان الداخلي الناجمة بشكل رئيس عن الفلتان الأمني الذي قادته أجهزة أمن السلطة تنفيذًا لسياسات عليا.
ورغم مرور 12 عامًا فإن التلفزيون الرسمي يواصل صب الزيت على النار في وقت تعمل فيه لجان المصالحة المجتمعية على رأب الصدع لإعادة اللحمة والوفاق بين أطياف الشعب الفلسطيني، إذ اعتمدت اللجنة أخيرًا (40) ملفاً جديداً من ضحايا الانقسام الفلسطيني سيُعوَّضون في قادم الأيام.
حديث توتيري
الناطق باسم التيار الإصلاحي عماد محسن استهجن إقدام تلفزيون فلسطين على بث مشاهد الاقتتال الداخلي الفلسطيني قبل 12 سنة، عاداً أنه يندرج في إطار بث خطاب الكراهية والتحريض ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
وقال محسن في حديث لـ"فلسطين": "كان الأجدر بتلفزيون فلسطين الحديث عن معالجة تداعيات الانقسام والتصالح بين أبناء الشعب الفلسطيني خاصة في ظل الإجماع الوطني على رفض الانقسام، بدلاً من بث خطاب الكراهية".
وعدّ كل حديث خارج دائرة التسامح وتمتين الجبهة الداخلية الفلسطينية "توتيريا ولا يخدم المصالحة المجتمعية، ولا وحدة النسيج الوطني الفلسطيني ولا الثوابت الوطنية".
وأضاف: "كان الأولى بتلفزيون فلسطين نشر تقارير عن معاناة الفلسطينيين وتغول الاستيطان الإسرائيلي في أراضي الضفة، وكيفية مواجهة جرائم الاحتلال والتصدي لما تُسمى صفقة القرن".
وأكد ضرورة إعلاء نبرة التسامح في المجتمع الفلسطيني، خاصة في ظل الجهود الصحفية المبذولة، من أجل خطاب إعلامي فلسطيني وحودي وتصالحي، بما فيها رفع الدعاوى المقدمة ضد تلفزيون فلسطين وصحيفة الحياة.
وشدد محسن على أهمية الشروع في حوار حقيقي وجاد من أجل بناء الوحدة الوطنية والشراكة السياسية والذهاب نحو مجتمع ديمقراطي يكون فيه ممثلون للشعب الفلسطيني بشرعيات متجددة.
ودعا لأن يكون الحديث الإعلامي ضاغطًا في سبيل عقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير بحضور كل الفصائل والتوافق على برنامج وطني موحد يمثل كل الفلسطينيين، والاتفاق على وسائل لمواجهة الاحتلال والضغط عليه ومحاكمة مجرميه.
الالتزام بالمعايير
بدوره أكد ممثل التجمع الإعلامي الديمقراطي في قطاع غزة وسام زغبر أن الانقسام السياسي أضر بالقضية الوطنية الفلسطينية وانعكس على جميع مناحي الحياة بما فيها وسائل الإعلام، مشيراً إلى أن جوهر قضية تلفزيون فلسطين وصحيفة الحياة "سياسي".
وكانت الأطر والمؤسسات الصحفية في قطاع غزة نجحت بسحب الشكوى القضائية المقدمة ضد تلفزيون فلسطين وصحيفة الحياة الجديدة لعدم التزامهما بالمعايير الصحفية.
وانتقد زغبر في حديثه لصحيفة "فلسطين" تقرير تلفزيون فلسطين في ظل أجواء المبادرة التي نفذتها الأطر والمؤسسات الصحفية لحل قضية التلفزيون وصحيفة الحياة، لتغليب المصلحة الوطنية وتهيئة الأجواء لخلق إعلام يلتزم بالمعايير المهنية والموضوعية.
وعدّ ما نشره تلفزيون فلسطين "خطاب كراهية وتحريض"، مشيراً إلى أنهم سيواصلون جهودهم والتواصل مع إدارة التلفزيون بالضفة لوقفه.
وقال: "كان الأجدر بتلفزيون فلسطين ألّا ينشر هذا التقرير، وأن يتوجه نحو خطاب التصالح والتسامح"، مطالباً إدارته بالالتزام بمعايير المهنية والابتعاد عن تعميق الانقسام.
كما دعا زغبر للالتزام بأخلاقيات العمل الوطني وجعل الإعلام وسيلة لتهيئة أجواء المصالحة وإنهاء الانقسام وليس تأزيمه، لمواجهة التحديات التي تحدق بالقضية الفلسطينية وفي مقدمتها صفقة ترامب.
تلفزيون غير سوي
في الإطار نفسه أكدت كتلة الصحفي الفلسطيني رفضها سلوك تلفزيون فلسطين "غير السوي" وعدم التزامه بالتعهدات أمام ممثلي الأطر الصحفية.
ودعت الكتلة في بيان صحفي الأطرَ الصحفية والمؤسسات الإعلامية التي تدخلت بالوساطة، لإدانة خطاب الكراهية، ومطالبة تلفزيون فلسطين بالالتزام بالخطاب الوطني الجامع، والابتعاد عن الفئوية والانتقائية والحزبية المقيتة.
ورأت الكتلة أن الاستمرار في تبني خطاب الكراهية العنصري يتنافى مع الروح الإيجابية الوطنية الوحدوية التي تعززت على مدار لقاءات الأطر الصحفية.
وطالبت وسائل الإعلام الفلسطيني وفي مقدمتها تلفزيون فلسطين بضرورة تغليب خطاب الوحدة وتعزيز الروح الوطنية ومواجهة الاحتلال في ظل المؤامرات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية.