تتصاعد الحملة الإعلامية ضد قطاع غزة، وتتصاعد تصريحات بعض القادة الصهاينة الباحثين عن مستقبل لهم، فيطالبون باحتلال قطاع غزة، كما طالب بذلك آفي ديختر عضو الكنيست عن حزب الليكود ورئيس جهاز الشاباك سابقًا، الذي قال: إن إسرائيل بحاجة إلى عملية "سور واقٍ" في غزة، على غرار ما جرى في الضفة الغربية عام 2002.
مثل هذه التصريحات التي تتناقلها بعض وسائل الإعلام لا تخيف أهل غزة، ولا ترعب شباب غزة الذين خبرهم المديان أكثر مما عرفتهم ساحات الكلام، ولا تملك غزة أي مخزون من الخوف والرعب كي تفرغه إزاء هذه التصريحات، ولا تعرف غزة في هذا الإطار إلا جملة واحدة: لو كان بمقدور إسرائيل تدمير غزة واحتلالها لفعلت ذلك من زمن، دون تلويث لسانها بلغة التهديد.
الحقيقة السابقة بمثابة دعوة إلى كل قادة الكيان، المتطرف منهم قبل المعتدل، والسياسي منهم قبل العسكري، غزة لم تعد تخاف التهديدات ولا التصريحات، وستواصل مشوار الحرية مهما كلف الأمر، وما على إسرائيل إلا أن تنهي احتلالها للأراضي العربية المحتلة فوراً، فهذا هو الخيار الوحيد الذي قد يوفر للإسرائيليين الأمن لفترة من الزمن.
لقد دللت عشرات التجارب أن غزة لن تخسر شيئاً، وغزة التي قدمت الشهداء جاهزة لأن تقدم المزيد من الشهداء والجرحى، ولن ترتعب من تدمير عدد من الأبراج والعمارات، وهي جاهزة لتصدير الوجع إلى المحيط، وقادرة على زعزعة الأمن والاستقرار في قلب الكيان الغاصب، وهي تمتلك حقيقتين:
حقيقة أولى يجب أن يدركها العدو الإسرائيلي، ويجب أن تصل إليه بجملة فصيحة: غزة لن تتراجع، ولم تبدأ خطوتها بحمل سلاح الحرية كي تسلمه لطالبي التمكين أو طالبي التأمين، وأن غزة جاهزة لمواجهة بعيدة المدى، طويلة الأجل، متواصلة متشعبة، فأهل غزة لن يخسروا من ثورتهم إلا القيود والحصار والعقوبات.
وحقيقة ثانية يجب أن تدركها قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله، حقيق يحب أن تدق على أبواب بيوت قادة حركة فتح، وهي تؤكد لهم أن غزة رأس حربة الرفض لصفقة القرن، وغزة هي العمود الفقري لرفض ورشة البحرين الاقتصادية، وغزة تدعو الجميع لمسيرات مقاومة مشتركة، والموافقة على ذلك هي الاختبار الحقيقي لرفض صفقة القرن، وعدم الاستجابة لذلك هي المقياس الحقيقي للتساوق مع صفقة القرن.
إن من يوافق على الفعل الميداني المشترك ضد الاحتلال هو ضد صفقة القرن، ومن يرفض أي مسيرات مشتركة في غزة ورام الله هو صنو صفقة القرن، وهو أذرع الاخطبوط الذي تتمدد سراً ودهاءً في المنطقة.
عشرة أيام فاصلة على طريق ورشة البحرين، والعمل الميداني المشترك هو الفيصل في الرفض، وهو عنوان المرحلة، وعلى الشعب الفلسطيني أن يسأل، وأن يراقب، وأن يطالب بمسيرات رفض مشتركة، فإن لم تتحقق، فعلى جماهير الشعب الفلسطيني أن تحاسب الأقربين المقصرين قبل أن تعتب على المشاركين.