فلسطين أون لاين

​رمضان دورة تدريبية لا يستثمرها إلا القليل

...
غزة- أسماء صرصور:

انتهى شهر رمضان المبارك، بأيامه الفضيلة، وليالي قيامه، فهل انتهى الصيام، وتوقف القيام، وانقطع حبل قراءة القرآن الكريم طوال العام بانتظار شهر رمضان القادم؟ أم أن الأصل أن يبقى العمل الصالح في رمضان لما بعده؟

"فلسطين" تناقش ذلك مع المحاضر في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية الداعية د. وائل الزرد، والتفاصيل تتبع في السياق التالي:

ويقول د. الزرد: "يجب أن نعترف جميعًا أن رمضان له ميزة عن باقي الشهور، فهو يفرض جدوله وطقوسه الخاصة، فنحن نصوم الشهر كاملًا ونصلي التراويح ويكثر الحديث عن صلة الرحم وقراءة القرآن، وهذا يكون في رمضان أكثر من غيره، فرمضان شهر مختلف عن غيره ويجب أن نقر بذلك".

ويلفت إلى أن انفضاض الناس عن المساجد بعد رمضان له أسباب كثيرة، وأنا أعيدها أولًا للجان المشرفة على المساجد، حيث إنهم ربما لم يبدعوا في استقبال المصلين الجدد، وربما حدث بعض اللغط أو عدم الاستقبال الحسن لبعض المقبلين على المساجد، هذا كله ربما كان سببًا في إبعاد الناس عن المساجد بعد رمضان.

أيضًا من ضمن الأسباب -وفق ما يقوله- سوء فهم لدى الناس أن رمضان هو شهر العبادة، فرمضان ليس شهرًا للعبادة، بل العام كله عام عبادة، فالرحمة والمغفرة والعتق ليست في رمضان وحده، بل في كل السنة، وهذا الخلل في الفهم قد يكون سببًا في إقبال الناس في رمضان، ثم انفضاضهم عن المساجد بعده.

ويستدرك د. الزرد: "أما أن يتهم القادم إلى المسجد حين يتركه بأن نيته ليست مستقيمة، فهذا لا يجوز، فالنية محلها القلب وهذا أمر الله تعالى، أما خروجهم من المساجد بعد رمضان فأسبابه ضعف الإيمان عندهم، وسوء فهم لديهم، وربما سوء استقبال من أهل المسجد للمقبلين الجدد في رمضان".

ويوضح أن رمضان مرحلة تدريبية للجميع، والأصل أن ينجح فيها الكل، لكن ليست الدورة هي السبب، فكلنا يأخذ دورات تدريبية، منا من ينجح في متطلباتها، ومنا من يكون لاهيًا غير منتبه لها، فلا ينجح فيها، ولا يستثمر هذه الأيام القليلة التي قال الله فيها: "أيامًا معدودات".

وأما تقييم الإنسان لنفسه بعد رمضان، فيقول: "ما من مسلم تقي إلا ويشعر بالتقصير أو شيء منه، لكن من ضمن العلامات التي نبه لها العلماء هو ما الذي تغير بعد رمضان؟ فلا بد أن يترك رمضان شيئًا من التغيير فينا، من السلب للإيجاب، ومن الإيجابي للأكثر إيجابية، والأمر الآخر هل تبدلت فعلًا سيئاتنا إلى حسنات، تقصيرنا وقلة صلاتنا وقلة صيامنا، هذا كله هل تغير بعد رمضان أم بقينا على حالنا قبل رمضان؟".

ويلفت إلى أن هذا من ضمن أجمل ما يمكن أن نخرج به فهمًا وتطبيقًا في رمضان، فيظن الناس أن الخير الذي كان في رمضان يجب أن يدوم عليه لبعد رمضان، وهذا أمر صعب وشاق على النفس، فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم كان في رمضان أكثر من غيره، فقد كان "جوادًا كالريح المرسلة" لكن في رمضان "كان أجود ما يكون في رمضان"، كان في رمضان يراجع مع جبريل القرآن مرتين، لكن في غير رمضان كان يراجعه مرةً واحدة، وهكذا.

ويتابع: "من الأمور التي يجب أن ننتبه لها القلة الدائمة، ربما لا نستطيع أن نصوم شهرًا كاملًا، لكن ممكن أن نصوم يوميْن في الأسبوع، يمكن أن نصوم ثلاثة أيام في كل شهر، وكذلك القيام، فلا نستطيع أن نقوم بثماني ركعات كل ليلة، لكن نستطيع القيام بركعتين كل ليلة حتى نحسب من المتقين القائمين الليل".

وأخيرًا نستعد لرمضان القادم -كما يقول- بكثرة دعائنا "اللهم إنا نسألك حسن الختام، فإن توفيتنا قبل رمضان، فتوفنا على الإيمان، وإن أحييتنا فاجعلنا في رمضان من أهل الإحسان يا رب العالمين".