فلسطين أون لاين

"حلويات السجون" طقوس رمضانية بنكهة الصمود والشوق للحرية

...
صورة أرشيفية
غزة/ طلال النبيه:

استطاع الأسرى الفلسطينيون تحويل غياهب سجون الاحتلال الإسرائيلي وزنازينها من محنة لهم إلى منحة، ومن ظلمات إلى حياة، لكن كيف استطاعوا ذلك؟، وما طقوسهم الرمضانية داخل الأسر؟، وكيف يصنعون حلوياتهم؟

وتقوم الطقوس الرمضانية على مبدأ التحدي والصمود أمام انتهاكات إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمعن في تنكيل الأسرى وتنغيص حياتهم في رمضان، وطيلة أشهر السنة.

وتبدأ استعدادات الأسرى لاستقبال رمضان قبيل أسابيع من وصول هذا الشهر، المختلف عن الأشهر الأخرى، بطلب حاجياتهم ومستلزماتهم من ذويهم لإدخالها لهم في أثناء الزيارة الشهرية.

لكن هذه الاستعدادات لا تتم بالشكل المراد له، لأن السجان يمنع وصول تلك الحاجيات كاملة للأسرى، ورغم تلك الحالة التي يعمد السجان الإسرائيلي إلى تطبيقها وعدم الانفكاك عنها، يحاول الأسرى صناعة الفرحة والأجواء الروحانية.

تلك الأجواء وما تدخله من فرحة وسرور إلى قلوبهم يحاول الأسرى أن تعوضهم قليلًا عن لمة العيلة المحرومين منها، بطقوسهم الخاصة.

ومع شوقهم الكامل للحرية، لا يزال الأسرى الفلسطينيون يجسدون حكاية رمضان التي تختلف كليًّا عن طقوسها خارج الأسر، بأفكارهم الإبداعية وجهودهم الذاتية.

في هذا التقرير، نستعرض كيف يصنع الأسرى حلويات رمضان، التي أتقن صناعتها الأسير المحرر أحمد الفليت.

ومن العدم وقلة ما في اليد ترى تلك الحلويات النور، لتكون حلويات بطعم الحرية، ومذاق لا يتكرر إلا داخل الأسر.

ويستذكر الفليت ذكرياته في سجون الاحتلال، ومهارته في صناعة الحلويات من القطائف والكنافة وكعك العيد، التي يكون مكونها الأساسي بقايا الخبز المجفف.

ويقول: "داخل السجن كنا نحاول ولا يزال الأسرى يحاولون إعداد بعض أنواع الحلويات، التي ينجحون في إتقان صناعتها من المكون الأساسي، وهو بقايا الخبز، بدلًا من الطحين أو السميد".

ويضيف: "نفتتها ونضيف كمية من الماء أو الحليب حتى تصبح بالشكل المطلوب لصناعة ما نسعى الوصول إليه، لعدم توافر المكونات المطلوبة".

ويتابع: "نحشو تلك العجينة غالبًا بالتمر، إذ نشتريه من "الكنتينة"، ونطرّيه حتى يصبح عجوة"، مشيرًا إلى أن الخطوة التالية هي قلي العجينة على القرص الكهربائي (البلاطة).

وفي شهر رمضان، يزداد الطلب على الأسير "الحلونجي"، لتكون فقرته لها طعم ونكهة خاصان، محاولًا رسم السعادة على وجوه أقرانه بصناعة القطائف والكنافة.

أما القطائف فمكوناتها مميزة لدى الأسرى، وأساسها الشعيرية المخمرة بالحليب عدة ساعات، على أن يضاف إليها كمية قليلة من السفن أب، لتليينها أكثر، ثم تصفى بعد تخمرها تمامًا.

وتشكل تلك العجينة على مقلى البلاطة، لإنتاج أقراص القطائف ثم تحشى بما يتوافر من التمر وجوز الهند مع السكر.

أما الكنافة فيطحن الأسير المختص بها الخبز القديم المجفف، محولًا إياه إلى ما يشبه الطحين الناعم المصفى من الكتل.

ويخلطه بما يتوافر من الكركم ليكون ذا لون أصفر، ثم يخبزه مع قليل من الزيت على بلاطة غرفة السجن، ثم توضع الجبنة التي يحتفظ الأسرى بها وصولًا إلى الكمية المناسبة لصناعة الكنافة، ويستمر تحميصها حتى يحمر وجهها بعد قلبها.