جوع كلبك يتبعك، سمّن كلبك يأكلك، هذا المثل العربي يلخص السياسة الأمريكية التي تعتمد على تطبيق الحصار حتى قطف الثمار، والجوع حتى الركوع، وهذا النهج السياسي الأمريكي لا يقف عند حدود الشعب الفلسطيني، بل يطبق على كل دولة تفكر بالخروج على السياسة الأمريكية.
جوّع كلبك يتبعك، سياسة طبقتها ثلاث قوى ضد الشعب الفلسطيني،
أولى هذه القوى التي مارست الحصار حتى قطف الثمار ضد الشعب الفلسطيني هي إسرائيل، التي مارست كافة أشكال الحصار والاستيطان والسجن والاعتقال واقتحام المدن والقتل والتشريد منذ بداية الاحتلال وحتى يومنا هذا، وحين عجزت إسرائيل عن قطف الثمار، سلمت الراية للسلطة الفلسطينية، التي مارست الحصار والعقوبات وقطع الكهرباء وقطع الرواتب ضد أهالي قطاع غزة، حتى إذا استيأست السلطة في تركيع أهالي قطاع غزة، تدخلت أمريكا بشكل مباشر، لتمارس العقوبات على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة معًا، وذلك من خلال وقف كافة أشكال المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المساعدات التي تقدم للأونروا، ولم ينج من العقوبات الأمريكية إلا الأجهزة الأمنية الفلسطيني التي لما تزل تتلقى المساعدات المالية من أمريكا.
ضمن هذا المشهد العابس اقتصاديًا في الأراضي المحتلة، وضمن هذه السياسة المدروسة بعناية، والتي تعتمدمبدأ الحصار حتى قطف الثمار، جاء القرار الإسرائيلي باقتطاع جزء من أموال المقاصة، وكأنها تمهد الأرض للسلطة الفلسطينية كي تلبس الثوب الوطني، وتخطو باتجاه رفض تسلم أموال المقاصة منقوصة، لينعكس هذا القرار بمزيد من المعاناة على الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي حافظت فيه السلطة على امتيازاتها من خلال التمسك بمبدأ التعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، فجاءت صفقة المدرعات والأسلحة التي تسلمتها السلطة الفلسطينية بعد الموافقة الإسرائيلية تتويجًا لهذا التعاون الأمني..
كان يتوجب علىالسلطة الفلسطينية أن توقف التعاون الأمني ردًا على اقتطاع جزء من أموال المقاصة، وأن تحاصر المستوطنين الصهاينة بالمعاناة، لا أن تحاصر المواطن الفلسطيني بالمزيد من المعاناة من خلال قطع الرواتب.
ضمن هذا المشهد الاقتصادي البائس، جاء لقاء البحرين الاقتصادي ليقول للشعب الفلسطيني: الازدهار بديلًا للحصار، والاستثمار بديلًا للانتحار، تنازلوا أيها الجوعى عن وطنكم كي تأكلوا خبزكم، وهذه نتيجة حتمية أوصلتكم إليها اتفاقية أوسلو، حين وضعت كل الزيتون الفلسطيني في معصرة الاحتلال، ليأكل ما طاب من زيت الفلسطينيين، ويشعل بالعرجون مستقبل الشباب الإسرائيلي كما عبر عن ذلك رئيس سلطة اتفاقية أوسلو.
ودون الرجوع إلى الأصل في المعاناة السياسية الفلسطينية، ودون هدم الأساس الذي قامت عليه سلطة تجويع الشعب، ودون اجتثاث جذر اتفاقية أوسلو التي أوصلت الفلسطينيين إلى هذه الحالة من الانقسام والانحسار والضياع، فلا صدى لأي صرخة تدعو لمواجهة لقاء البحرين، ولا قيمة لأي رهان على مواصلة السلطة لرفض صفقة القرن، ولا معانٍ لأي شعارات ترفض التعاطي مع نتائج لقاء البحرين الذي جاء تتويجًا لسياسة جوّع كلبك يتبعك!.