كلما حان وقت صلاة العشاء والتراويح همّ الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال إلى أدائها لكن الأخير يفرض عليهم الفرقة، إذ لا يتمكن من الانضمام إلى صلاة الجماعة في كل غرفة من غرف السجن سوى ثمانية أسرى فقط.
لكن هذا ليس سوى مشهد واحد مما ترويه صحيفة "فلسطين"، وفق إفادات الأسيرين المحررين مصطفى مسلماني وعامر أبو سرحان، عن يوميات الأسرى في سجون الاحتلال خلال العشر الأواخر من رمضان، ولدى استقبال عيد الفطر.
وإذا كان كل ثمانية أسرى يقبعون في غرفة واحدة من السجن، فإن في أقسام العزل أسيرين فقط، وهناك آخرون يقبعون في العزل الانفرادي حيث يكون الأسير وحده وفي حالة انقطاع تام.
ويتكون السجن من أقسام في كل منها 16 غرفة، إلى جانب ساحة مشتركة "فورة" يفترض أن تشهد صلاة الظهر أيام الجمعة، لكن الاحتلال لا يفتح الغرف وقت الصلوات ويحاول دائما التنغيص على الأسرى.
وبينما تتسع الساحة لنحو 920 أسيراً، فإن الاحتلال يمنع اجتماع أكثر من 60 منهم.
ويكافح الأسرى في محاولتهم إحياء شهر رمضان كما يفعل المسلمون خارج السجن.
وفي الوقت نفسه يشدهم الحنين إلى عائلاتهم، إذ يتخيلون المائدة التي تضم أشقاءهم وآباءهم وأمهاتهم، والزيارات التي تجمعهم لصلة الأرحام، وتنهمر دموعهم بغزارة دون أن يراها أحد، ويشتعل فيهم الشوق لأقاربهم.
وبين هذا وذاك يمضي الأسرى أيام رمضان بالدعاء أن يمن الله عليهم بالفرج والحرية، كما يقضون لياليها بالاعتكاف والصلاة وقراءة القرآن وأداء كل العبادات رغم تضييقات الاحتلال.
ويمنع الاحتلال إقامة صلاة العشاء والتراويح على نحو يجمع كل الأسرى، بل إنه يمنع أيضًا أي تواصل أو تزاور بين الغرف خصوصا في ساعات الإفطار في سياق الضغط عليهم وإشعارهم بأنهم خلف القضبان.
لكن هذا الأسلوب الاحتلالي يفشل في منع الأسرى من أداء العبادات التي يصممون عليها ويصرون على عدم الالتفات لإجراءات الاحتلال.
ورغم أن رمضان هو شهر التواصل والتراحم فإن الاحتلال يمنع تواصل الأسرى فيما بينهم، كما يقيّد زيارات ذويهم.
وحتى إذا تسنى لذوي أسير زيارته فإن الاحتلال يفصل بينهم بلوح زجاجي، بحيث لا يستطيع عناقهم أو لمس أيديهم، وكأنه يتحدث عبر الهاتف من بلد إلى آخر، وذلك لإفقاد ذوي الأسير الإحساس به.
ويعمد الاحتلال إلى التشويش على صلاة الأسرى عبر اقتحام الغرف وتكرار التفتيش وإجراء التنقلات وعدم توفير مستلزماتهم.
برنامج
وبهذا المعنى، تختلف معيشة الأسرى عن الحياة خارج السجن التي يتوجه فيها الناس إلى الأسواق ويقضون بعضا من أوقاتهم في انشغالات متعددة، إذ يفرغ الأسرى أوقاتهم لتنفيذ برنامج طوال رمضان يتضمن ختم القرآن الكريم كل ثلاثة أيام.
ويحرص الأسرى بعد أداء صلاة التراويح على الاستزادة بصلاة فردية يجتهد كل منهم فيها.
أما طعام السحور والإفطار فإن الأسرى يُحضرون المكونات غير مطهية ويعيدون تصنيعها داخل غرفهم.
ويشتري الأسرى أغراض السحور كالبيض والجبن وعلب التونة من "الكنتينا"، ولا يتوفر لهم طماطم وخيار وما شابه.
وعندما يحين موعد آذان المغرب والفجر بشكل خاص يبادر أحد الأسرى إلى رفع الأذان على مقربة من باب الغرفة.
ولما يقترب حلول عيد الفطر يحاول الأسرى صناعة الفرح عبر إعداد الكنافة بما توفر لديهم من مكونات، كما أنهم يصنعون خلال رمضان القطايف من لب الخبز، ويُفشِلون بذلك أهداف الاحتلال الذي يريد إحباطهم.
كما أنهم يجهزون بإمكانات بسيطة للغاية المعمول والكعك ويوزعون العصائر التي يشترونها ليعبروا عن حقهم بالحياة.
ويحرم الاحتلال الأسرى في الأقسام المختلفة من الالتقاء لتهنئة بعضهم بالعيد، كما أنه لا يوفر لهم فرصة اقتناء ملابس جديدة لاسيما أنها باهظة الثمن.
لكن بعض الأسرى يحتفظون بملابس يحصلون عليها كل ستة أشهر، وهم يرتدون أيام العيد أبهى ما لديهم ويظهرون بما يليق بهم.
ويبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال 5700، بينهم 48 أسيرة و230 طفلا وثمانية نواب و700 مريض، بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين.