فلسطين أون لاين

​مدفع رمضان بالقدس.. صوت عثماني مستمر رغم محاولات إسكاته

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة / الأناضول

يعتمد الكثيرون في البلدة القديمة من مدينة القدس ومحيطها، على صوت مدفع يعود تاريخه إلى الحقبة العثمانية، لتحديد مواقيت الإفطار والسحور خلال شهر رمضان.

وينطلق صوت المدفع من "مقبرة المجاهدين" المقامة على تلة مرتفعة في شارع صلاح الدين، الذي يعتبر قلب المدينة التجاري خارج أسوار البلدة القديمة.

وبالنسبة للفلسطينيين من سكان القدس القديمة ومحيطها، فإن صوت المدفع هو جزء لا يتجزأ من عادات شهر رمضان المبارك.

ويقول رجائي صندوقة، المسؤول عن إطلاق المدفع، إن عائلته مسؤولة عن إطلاق مدفع رمضان منذ 120 عاماً، وإنها كانت مسؤولية جده الحاج أمين، ومن بعده والده الحاج يحيى، قبل أن يتولى هو المسؤولية.

وما زال الكثير من المعالم العثمانية منتشرة شرق مدينة القدس المحتلة، وبخاصة بلدتها القديمة والمسجد الأقصى ومحيطه.

وكان صندوقة الجد يستخدم مدفعاً عثمانياً، لكن في ستينيات القرن الماضي استبدلت الحكومة الأردنية المدفع العثماني بآخر يتم استخدامه حاليًا، فيما نُقل المدفع العثماني إلى المتحف الإسلامي في المسجد الأقصى، بحسب "رجائي".

ويتوجه "رجائي صندوقة" إلى المقبرة مرة عند موعد غروب الشمس للإعلان عن موعد الإفطار، ومرة أخرى قبيل الفجر للإعلان عن موعد الإمساك.

ويوضح صندوقة، أن فكرة استخدام المدفع لإعلام الناس بمواعيد الإفطار والسحور ظهرت في وقت لم تكن هناك مكبرات صوت، وأن المدفع المستخدم حاليًا شبيه بالمدافع القديمة التي تستخدم في الحروب.

ويفيد الرجل أن ظاهرة استخدام المدفع للإفطار والسحور في الدول الإسلامية وصلتنا من تركيا في العهد العثماني.

ويلفت إلى أن استخدام المدفع استمر حتى سنوات الثمانينات من القرن الماضي، حيث كان يطلق في غالبية المدن الفلسطينية ومنها نابلس والخليل وبيت لحم والقدس.

ويستدرك: "لكن في فترة الانتفاضة الأولى منع الاحتلال تصنيع البارود الذي كنا نستخدمه للمدفع، وبالتالي منعه من العمل".

ويتابع: "من ناحيتي أصريت على الحفاظ على الإرث الذي ورثته عن والدي خاصة في ظل الظروف التي تمر بها مدينة القدس المحتلة، وتوصلت إلى اتفاق باستخدام قنابل الصوت في المدفع بدلا من البارود".

ويذكر صندوقة، أنه منذ 20 سنة يتم استخدام القنابل الصوتية بدل البارود في إطلاق المدفع، والتي يتسلمها من قبل سلطات الاحتلال وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث تنتظر سيارة خارج المقبرة لحين إطلاق المدفع للتأكد من استخدام قنبلة الصوت لهدفها.

ويقوم صندوقة بهذه المهمة تطوعاً تماماً كما والده وجده من قبله.

ويبيّن صندوقة أنه يتعرض إلى الكثير من المنغصات والتدخلات الإسرائيلية في عمله، ولكنه يبقى مصرا على الحفاظ على هذا الإرث القديم.

ويضيف أن "من هذه المنغصات مثلا الإصرار الاحتلال على وجوب مشاركتي في دورة خاصة في استخدام قنابل الصوت، ومن ثم الحديث عن وجوب أن تكون لدي رخصة بالمجال، وأيضا الحصول على إذن خاص لإطلاق المدفع".

ويردف: "كل سنة هناك أمر جديد بحجة الأمن، وأعتقد أنها منغصات تهدف إلى إسكات المدفع في مدينة القدس المحتلة مثلما تم إسكاته في بقية المدن الفلسطينية".

ويُعتبر إطلاق مدفع رمضان تقليداً متبعاً في العديد من الدول الإسلامية منذ عقود، حيث يتم إطلاق قذيفة مدفعية صوتية لحظة مغيب الشمس، إيذانًا ببدء الإفطار.