قبل أكثر من شهر، وضمن برنامج هنا فلسطين، قلت لمقدم البرنامج هاني مغاري عبر فضائية الأقصى: لن تكون هنالك صفقة قرن، ولن تقدم مع نهاية شهر رمضان كما يقولون، ولن تقدم بعد ألف عام أي صفقة سياسية، وذلك لأن الإسرائيليين يرفضون صفقة القرن، ولا يقبلون على معتقدهم وسياستهم اليمينية الواضحة أن يكون هنالك أي مشروع سياسي، فما دامت تحقق السياسة الإسرائيلية كل أطماعها بيسر وسلام، فلماذا تلتزم بصفقات؟ ولم تفتش عن لقاءات، ومفاوضات؟ لماذا تشغل بال المواطن الإسرائيلي، وتنقسم حول مشاريع تسوية وهمية؟ وهي التي تغرف وجودها كقيادة من طنجرة الناخب الإسرائيلي.
إسرائيل أسقطت صفقة القرن بوعي وإصرار، ولم تبق من الصفقة إلا مشاريع اقتصادية، تصب المليارات من الدولارات في الضفة الغربية والأردن وقطاع غزة ومصر، لكي يصب النتاج النهائي لصالح إسرائيل اقتصاديًا، وسياسيًا وأمنيًا.
صفقة القرن لغة العاجزين عن فرض سياسة الأمر الواقع، وإسرائيل غير عاجزة، كما يقول نتنياهو، إسرائيل تفرض سياستها على أرض الواقع، وترفض أن تعطي للمفاوض الفلسطيني أي أمل بلقاء أو حديث، حتى ولو كان في موسكو، كما تمنى ذلك المفاوض الفلسطيني، وهذا ما أكده المبعوث الأمريكي جرينبلات حين قال: الماضي وراء ظهورنا، ونحن نتعامل مع ما هو قائم على أرض الواقع، والقائم على أرض الواقع لا يخدم إلا السياسة الإسرائيلية، التي تحقق ما تتمناه دون أي جهد يذكر
لقد تأكد اليوم أن صفقة القرن مبالغ مالية تجمعها أمريكا بعصاها الغليظة في دولة البحرين، ووفق المبلغ الذي يقرره موشي كحلون، وزير المالية الإسرائيلي، والذي سيقرر كيف تنفق هذه المبالغ وفق الخطط الإسرائيلية، وعلى شكل مساعدات إنسانية، ومشاريع اقتصادية مشتركة مع الاحتلال، ومشاريع توطين للاجئين.
بقى أن أقول: إن غزة وحدها غير قادة على التصدي لصفقة القرن، غزة بحاجة إلى الضفة الغربية، كي تشعل شرارة رفض صفقة القرن بشكل عملي، وليس من خلال الشعارات، وعلى غزة أن تفتح ذراعيها لكل فلسطيني يرفض أنيشارك في لقاء البحرين التشاوري.
فمن يرفض لقاء البحرين التشاوري الذي يقوده وزير المالية الإسرائيلي، ليس له إلا غزة، يركب سفنها، ويبحر في اتجاه تحرير الأرض الفلسطينية من الانقسام أولًا، ومن التبعية ثانيًا، ومن الخنوع للإرادة الإسرائيلية ثالثًا.
في شهر 8 من العام الماضي، كتبت مقالًا في صحيفة فلسطين تحت عنوان: لماذا لا تريد إسرائيل صفقة القرن؟ أنصح بقراءته، لمعرفة الأسباب التي جعلت أمريكا تتراجع عن صفقة القرن.