فلسطين أون لاين

​هل كشف العدوان الإسرائيلي الوجه الحقيقي للاتحاد الأوروبي؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ أحمد المصري:

تجاهلت دول الاتحاد الأوروبي إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، غاضة الطرف عن قصف الأُسر الآمنة داخل بيوتها، واستشهاد النساء والأطفال والأجنة في بطون أمهاتهم، وأجمعت على "حق (إسرائيل) في الدفاع عن نفسها"، وهو ما كشف اللثام عن وجه أوروبا الحقيقي، وفق مختصان في العلاقات الدولية.

وعلى مدار يومين فقط، استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي أهداف مدنية وعسكرية في قطاع غزة بغارات أسفرت عن استشهاد 27 مواطنًا، بينهم (4 سيدات، و2 أجنة، ورضيعتان، وطفل) وجرح 154 آخرين، فيما تضررت 830 وحدة سكنية، وعشرات المحلات التجارية والمؤسسات الإعلامية، لتقابله المقاومة بعدة رشقات صاروخية تجاه الأراضي المحتلة.

وفي انحياز واضح لـ"تل أبيب"، قالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، فريدريكا موغيريني: إنّه "يجب على المسلحين الفلسطينيين في غزة وقف الإطلاق العشوائي للصواريخ"، مضيفة "الاتحاد الأوروبي يؤكد مجددًا دعمه بقوة لأمن (إسرائيل)".

غير مفاجئة

ورأىلمختص في العلاقات الدولية، د. مشير عامر، أنّ الموقف الأوربي الذي أُعلن خلال العدوان، "غير مفاجئ" وكشف عن حقيقة وجه أوروبا الذي "خُفي عن البعض" خلال السنوات الماضية.

وقال عامر لصحيفة "فلسطين"، إن دول الاتحاد الأوربي غالبا ما تُغلب لغة المصالح في مواقفها، غير أنها لا تخرج عن سياق التوجه الأمريكي وإن اختلفت اللغة لحد ما.

وأشار إلى أن المواقف الأخيرة لمسؤوليها تتماهى تماما مع الاحتلال كون الأخير يدافع عن نفسه، وجعل من يدافعون عن أنفسهم ومطالبتهم بكسر الحصار "مجرما وإرهابيا".

وأوضح أنّ المواقف الأوربية في حقيقتها تتميز بانحيازها للاحتلال، وتبرير عدوانه على شعبنا، أو تتمثل بمواقف ضعيفة خافتة لا تستطيع أن توجه النقد بشكل واضح للانتهاكات والجرائم الإسرائيلية.

وأكدّ عامر أن دول الاتحاد الأوروبي دون شك تتعامل وفق ازدواجية المعايير، بحيث تنسف كافة شعارات احترام حقوق الشعوب والقيم الإنسانية إذا ما ارتبط وتعلق الأمر في (إسرائيل)، مشيرًا إلى أنّ "المواقف الإيجابية" لدول الاتحاد الأوربي تجاه الفلسطينيين كانت تتعلق في استنكار الأنشطة الاستيطانية، باعتبارها أفعال تتناقض مع مفهوم "حل الدولتين"، لكن من دون أي تحرك سياسي قوي يدعم حتى هذا الأمر.

انعكاسًا للمفاهيم

ورجح عامر أن يكون التماهي الأوروبي الكامل مع الاحتلال مؤخرا، بعد سنوات من محاولة تسويق "مسكها العصى من المنتصف"، أن يكون انعكاسًا للمفاهيم الجديدة الخاصة ذات العلاقة بما أطلق عليه "صفقة القرن"، مضيفا "وهذا بمعنى آخر خضوع أوروبي كامل للرؤية الأمريكية فيما ما يتعلق بحل الصراع".

وفي معرض تعليقه على التصعيد الأخير، قال وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت، إنه "يشعر بالصدمة"، مضيفا "مشاعري مع أسر المدنيين الأبرياء الذين قتلوا وتضرروا من قذائف حماس المثيرة للاشمئزاز والتي لا تميز بين أحد"، ولم يتطرق "هانت" إلى أي من الشهداء في غزة.

وتجاهل نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية، أولريك ديمر، إدانة العدوان على غزة، مؤكدًا أن "لـ(إسرائيل) الحق بالدفاع عن نفسها والرد بشكل مناسب على الهجمات الصاروخية من الأراضي الفلسطينية".

أما الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فأعرب عن "إدانته بشدة لتعرض (إسرائيل) لعمليات قصف من قطاع غزة وتضامنه مع السكان الذين تعرضوا لها".

أظهرت حقيقتها

وقال المختص في العلاقات الدولية د. أشرف الغليظ، إنّ دول الاتحاد الأوروبي أظهرت حقيقتها، والتي نسي الكثير أنها كانت عتبة تبني "المشروع الصهيوني واقامة الدولة العبرية على الأرض الفلسطينية المحتلة".

وأضاف الغليظ لصحيفة "فلسطين"، "أوروبا تنقلب فعليا على المبادئ التي حاولت تسويقها للعالم، بوضع الضحية في خانة الإرهاب، ضاربة بعرض الحائط منح التشريعات الدولية جميعها الحق لأي من الشعوب المحتلة أحقية الدفاع عن نفسها بأي وسيلة كانت".

ولفت إلى أنّ أوروبا تجاهلت أن العدوان الأخير من بدأه الاحتلال، بقصف المنازل والمنشئات في قطاع غزة، واستهداف المدنيين، وأنّ ردة فعل المقاومة كانت بناء على هذا العدوان.

وأكدّ الغليظ أنّ دول الاتحاد الأوروبي في مواقفها المؤيدة للعدوان على قطاع غزة، تعطي بصورة أو أخرى الضوء الأخضر للاحتلال توسيع دائرة النار في أي جولة تصعيدية أخرى، والاطمئنان بعدم وجود أي انتقادات أو رفض أوربي لها.