فلسطين أون لاين

​في واد ياصول.. قيّد المقدسيون أنفسهم بالسلاسل ليقاوموا الهدم

...
في القدس الجريحة تتكرر الحكاية يومًا بعد يوم
رام الله/ محمد القيق:

لم يعد الإخطار بالهدم أمرًا ضروريًا لدى طواقم بلدية الاحتلال في القدس المحتلة التي ترى في منازل الفلسطينيين هدفًا لتحقيق أطماع العنصرية الاستيطانية، فتشرع جرافاتها بالاقتحام والهدم دون سابق إنذار ودونما أن تعطي حتى فرصةً لإخلاء أثاث المنازل.

وفي القدس الجريحة تتكرر الحكاية يومًا بعد يوم ويعيش الفلسطينيون المشهد القاسي بحذافيره بين الحين والآخر، فمنازلهم وأحياؤهم وقراهم أصبحت تقع كلها ضمن مخططات استيطانية تهدف لإلغاء الوجود الفلسطيني في المدينة تزامنا مع التحضير لـ"صفقة القرن" المزمع الإعلان عنها خلال شهرين فقط، وهي التي تضع في بنودها ترحيل أي فلسطيني من مدينته وإبقاءها خالصة للمستوطنين بأكبر قدر ممكن وفي أقل فترة زمنية ممكنة.

التصدي الأكبر

حي واد ياصول في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك كان أحد الأحياء الفلسطينية التي تضعها أذرع الاحتلال ضمن المناطق الأكثر إلحاحًا من غيرها لتفرغ بشكل سريع ضمن حملة إعلان مدينة القدس "يهودية خالصة" وإلغاء الوجود الفلسطيني فيها.

ويقول رئيس لجنة الدفاع عن الحي خالد الشويكي لصحيفة "فلسطين": إن قوات الاحتلال جلبت جرافة صباح الثلاثاء الماضي وهدمت منزلًا يعود للمواطن أنس برقان ضمن مخطط هدم كامل الحي البالغ عدد منازله (٨٦) وحدة سكنية والتي تضم ٦٠٠ مواطن مقدسي.

ويشير إلى أن محكمة الاحتلال المسماة بـ"العليا" كانت قد أصدرت قرارًا بهدم المنازل على يد بلدية الاحتلال أو الهدم ذاتيًّا بيد أصحابه كي لا يتحملوا تكاليف الهدم الباهظة، ولكن موقف الأهالي دائما هو رفض الهدم الذاتي والتصدي لعمليات الهدم.

ويضيف: "هذه أرضنا ولن نخرج منها ولن نقبل بالهدم الذاتي وسنتصدى لكل عملية هدم، وهكذا قمنا بالتصدي لعملية هدم منزل برقان فاعتدى الجنود علينا وضُرِبنا ومن بين المصابين كان والدي السبعيني الذي حاول التصدي للهدم فجرحت يداه وما زال في المشفى".

ويوضح الشويكي أن الأهالي ربطوا أنفسهم بالسلاسل بالبوابات الحديدية الخاصة بالمنازل كي يتصدوا لجرافات الهدم، لكن الاحتلال هاجمهم بشكل وحشي واعتدى عليهم بالضرب بالهراوات والأسلحة مما أدى إلى وقرع خمس إصابات بينها إصابة بالرأس وأخرى بالأذن وثالثة للمسن الشويكي، في حين اعتقل صاحب المنزل.

ويلفت إلى أن الجنود يتعمدون ضرب النساء والأطفال ورفضوا قيام أحد بإخلاء المنزل من الأثاث، وهو الأمر الذي يريدونه كي تزيد الحسرة في قلوب الفلسطينيين.

المخطط الكامل

انتهى المشهد بهدم جزء من المنزل قبل أن تتعطل الجرافة العسكرية، ولكن ذلك لا يعني أن القضية انتهت فمطامع الاحتلال لا تجد أمامها شيئا صعبًا على الالتهام.

ويقول المواطن محمد الشويكي أحد سكان الحي لـ"فلسطين": إن محكمة الاحتلال أصدرت قرارًا بهدم أربعة منازل بعد مداولات طويلة في أروقتها حاول خلالها الأهالي الحصول على قرار بتجميد الهدم، أو ترخيص يضمن لهم البقاء في أرضهم، ولكن قضية الترخيص هي حلم بعيد لا يتمكنون من الحصول عليه في ظل الاحتلال.

ويؤكد أن المخطط الكامل هو إزالة كل الحي عن بكرة أبيه، لإتاحة المجال أمام الجمعيات الاستيطانية كي تكتمل أطماعها في جميع أحياء سلوان، فهي تقيم منذ الآن بؤرا استيطانية عدة في حي رأس العامود ووادي حلوة وبطن الهوى وتريد أن تصل إلى ما تبقى منه.

ويضيف: "بعد هذا التعنت من الاحتلال وقضائه المتآمر وإصدار قرار بالهدم، قررنا أن التصدي لكل عملية هدم بحيث نربط أنفسنا بالجنازير رفضًا للرحيل أو المغادرة حتى لو أصبنا أو اعتقلنا"، مشيرًا إلى أن سلطات الاحتلال قطعت كل الطرق الدبلوماسية والقانونية "ووضعتنا تحت أمر واقع ليس لنا فيه إلا الثبات أو الرحيل وقد اخترنا البقاء على أرضنا مهما فعلوا، فأين سنذهب؟ وماذا سنقول لأطفالنا إذا هاجرنا عن قدسنا وتخلينا عنها؟".

وليس فقط حي واد ياصول من يعاني تحت آلة التهويد؛ فمن قبله كان حي البستان وما زال يرزح تحت إخطارات الهدم التي أعطيت لأكثر من ثمانين منزلا مهددة بالإزالة في أي وقت، كما أن أحياء شرق القدس بأكملها تطالها يد الهدم الحاقدة كي تقنع المقدسيين أنها مدينة ليست لهم، ولكن الثبات فيها أمر خارج عن إرادة الاحتلال مهما استخدم من أساليب أو جنّد من وسائل.