تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاتها بحق الأسرى الفلسطينيين وممارسة الإهمال الطبي المتعمد بحقهم في مخالفة واضحة لكل القوانين الدولية، الأمر الذي يؤدي لارتقاء عددٍ منهم شهداء كان آخرهم الشهيد الجريح عمر عوني يونس "20 عاماً" في حين تظل القائمة مرشحة للزيادة في ظل الصمت الدولي المطبق على تلك الجرائم، كما يوضح متخصصون بشؤون الأسرى.
واستشهد الأسير يونس من بلدة سنيريا قضاء قلقيلية، في مستشفى "بلنسون" الإسرائيلي مساء أول من أمس، متأثرا بإصابة خطيرة قرب حاجز زعترة العسكري جنوب نابلس بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن الأسبوع الماضي.
عقاب الأسرى
الناطقة باسم مركز أسرى فلسطين للدراسات أمينة الطويل أكدت أن سلطات الاحتلال تواصل انتهاكاتها وممارساتها الإجرامية بحق الأسرى. وقالت لصحيفة "فلسطين": "الاتفاق بين مصلحة السجون والحركة الأسيرة خلال الأيام الفائتة لا يعني أن ظروف الحركة الأسيرة تغيرت من السلب للإيجاب فالظروف المعيشية لا زالت سيئة ولا زال الاحتلال يتفنن في عقاب الأسرى" .
وأضافت: "أوضاع الأسرى بحاجة إلى حراك قوي جداً وفاعل لمعاقبة الاحتلال على ما يمارسه بحق الأسرى ، فالاتفاق الذي أبرم أخيراً يتحدث عن نقاط معينة كالهاتف العمومي وإلغاء منع الزيارات والعقوبات والعودة بالوضع لما قبل التاسع عشر من فبراير من العام الجاري لكن لم يحمل في مضامينه نقاطا عن الظروف المعيشية والتقنين في الكانتينا والعزل والإهمال الطبي".
وتابعت الطويل: "بالعكس ما تزال الحركة الأسيرة بحاجة إلى حراك وفعاليات إسنادية على الدوام فلا يجوز أن يتوقف الحراك عند هذا الاتفاق لأن الاحتلال عهده أن ينقض العهود والتنصل والالتفاف على الاتفاقات فما زالت الحركة الأسيرة بحاجة للدعم في هذا الاتفاق وأي خطوات نضالية قادمة".
وأشارت إلى أن الشهيد يونس كان معتقلاً على ذمة التحقيق رغم إصابته الخطيرة، قائلة: "في العامين الماضيين رصدنا ست حالات ارتقت بالطريقة ذاتها حيث يقوم الاحتلال بمحاولة تصفيتهم على الحواجز بدعاوى أمنية، ثم يقوم باعتقالهم ووضعهم بالمستشفى بطريقة شكلية فيظلون بحاجة للعلاج والعمليات اللازمة، هو فقط يحاول إبقاء الأسير ضمن الوعي ليقوم بالتحقيق معه من قبل مخابرات الاحتلال".
ولفتت الطويل إلى أن الاحتلال يتفنن في إعدام الفلسطينيين سواء بشكل علني أو غير علني سواء من خلال الإعدامات الميدانية المباشرة أو الإهمال الطبي داخل السجون ما يؤدي لاستشهاد أسرى كفارس بارود والعشرات غيره فهناك 219 أسيرا من الشهداء ارتقوا داخل السجونبالطريقة ذاتها.
وتوقعت أن يزداد عدد شهداء الحركة الأسيرة إذا ما استمر الاحتلال بطريقته الحالية، واستمرت المؤسسات الدولية بغض الطرف عن جرائم الاحتلال، قائلة:" لكي يتوقف الاحتلال عن هذه الجرائم نحن بحاجة لمتابعة قانونية ودولية ومَنْ يردعه ويحاسبه على ما يقوم به داخل السجون، فنحن نسجل ارتفاعاً في مستوى الجريمة والانتهاكات وحدة العقوبات داخل السجون ".
وأضافت: "الأسير له حقوق في القانون الدولي لكن للأسف نجد أن المؤسسات الدولية تصم آذانها وتغض أبصارها عن واقع الأسرى الفلسطينيين الذين وضعهم الأكثر مأساة بالعالم من حيث ظروف الاعتقال والانتهاكات بحقهم".
مخالفة المواثيق
بينما عد المتحدث باسم مؤسسة مهجة القدس للأسرى طارق أبو شلوف، أن الشهيد يونس يضاف إلى شهداء الحركة الأسيرة الـ219 الذين استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي المتعمد أو التعذيب الممارس بحق الأسرى من "الشاباك" الإسرائيلي وإدارة سجون الاحتلال بدءًا من إطلاق النار من مسافة صفر على الأسرى حين اعتقالهم في مخالفة واضحة للأعراف أو المواثيق الدولية.
وبين أن الأسرى ما زالوا يتعرضون لانتهاكات صارخة لحقوقهم داخل سجون الاحتلال وأوضاع معيشية سيئة، وما زال خمسة منهم مضربين عن الطعام احتجاجاً على سياسة "الاعتقال الإداري"، وغيرها من السياسات المخالفة للاتفاقيات الدولية التي يمارسها الاحتلال ضد الحركة الأسيرة الفلسطينية.
وعن تزامن استشهاده مع الإنجاز الذي حققته الحركة الأسيرة أخيراً، قال أبو شلوف: "مصلحة السجون بالتأكيد تسعى لجعل الأسرى في أي انتصار يحققونه داخل السجون يشعرون وكأنهم لم يحققوا أي شيء، وتمارس سياسة الالتفاف على إنجازاتهم ومحاولة الانتقاص منهم ، الأمر الذي يواجهه الأسرى بالتحدي والإرادة".
ولفت إلى أن إدارة السجون تتعمد عدم تقديم العلاج المناسب للمصابين حين اعتقالهم للضغط عليهم وسحب الاعترافات والمعلومات منهم بممارسة سياسة إهمال طبي متعمد بحقهم مخالفة لأعراف المهن الطبية والأعراف الدولية التي نصت على حماية ورعاية الأسير منذ لحظة اعتقاله لحين الإفراج عنه، الأمر الذي يضرب به جيش الاحتلال ومصلحة سجونه عرض الحائط ويواجهه بعنجهية.
ورأى أن ذلك يتطلب بأن يكون التعامل الوطني الفلسطيني مع قضية الأسرى ليس قائماً على ردات الفعل بل وفق خطة استراتيجية وطنية تتبنى قضاياهم وتشكل نافذة حقيقية لإيصال الانتهاكات بحقهم للمحاكم الدولية لمحاسبة أطباء وضباط إدارة مصلحة سجون الاحتلال على جرائمهم بحقهم.
دعوات لإنقاذ الأسرى
وفي السياق ذاته، طالبت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في المحافظات الجنوبية المؤسسات الفلسطينية والعربية والدولية بإنقاذ حياة الأسرى في سجون الاحتلال وحمايتهم في أعقاب استشهاد الأسير المصاب يونس.
ودعت الهيئة في بيان لها نشر أمس، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية للضغط على سلطات الاحتلال لوقف جرائم القتل المباشر والإعدامات الميدانية المخالفة للاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تجرم القتل العمد, والتعذيب والمعاملة اللا إنسانية, وتجاوز مبدأ الحق في الحياة والأمن الشخصي والحرية للمدنيين من المخالفات الجسيمة.
وطالبت الهيئة المحاكم والمؤسسات الدولية بتجريم سلطات الاحتلال وحكومة الاحتلال المشجعة لسياسة الإعدامات وضباط الجيش والقوات الخاصة وإيقاع العقوبة اللازمة بحقهم، لوقف تلك الانتهاكات، ووقف تلك الممارسة والسياسة لعدم ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المواطنين الفلسطينيين العزل والأسرى الفلسطينيين.
في حين طالب مدير مركز الأسرى للدراسات د. رأفت حمدونة، المجتمع الدولي بالضغط على (إسرائيل) لوقف سياسة الإعدام بحق الفلسطينيين.
وأكد حمدونة في بيان له نشر أمس، أن سياسة الإعدام بحق الفلسطينيين زادت وتيرتها في المدة الأخيرة بتغطية من حكومة الاحتلال وجهاز الأمن "الشاباك" وجيش الاحتلال، وهي جهات منحت الجنود والمستوطنين حرية إطلاق النار بلا مبرر تجاه الفلسطينيين.
وأضاف أن الاستهتار بحياة المواطنين الفلسطينيين وسياسة الإعدام جاءا في أعقاب الضوء الأخضر الذى منحته حكومة الاحتلال وقيادات الأحزاب اليمينية المتطرفة بحجة الأمن.