بات الإضراب عن الطعام هو الحدث المستمر الأكثر تكراراً في يوميات الاعتقال في سجون الاحتلال فهذا الخيار يعد السلاح الوحيد بيد الأسرى، ليس حبا في الجوع ولا المعاناة بل رفضا لسياسة الاعتقال الإداري الذي تفرضه مخابرات الاحتلال على مئات الأسرى دون أي تهمة بل لمجرد الاشتباه أو الرغبة في تغييب الفلسطينيين في السجون.
ويعد الإضراب عن الطعام السلاح الوحيد لدى الأسرى، فكرامتهم لا تقبل أنصاف حلول وحريتهم أغلى ما يملكون، بينما تضعف مخابرات الاحتلال أمام هذا النوع من المقاومة وترضخ لمطالب الأسرى في كل مرة كما حدث في إضراب الكرامة الثاني.
دون سبب
ومن بين الأسرى المضربين عن الطعام الذين انتصروا لتحقيق مطلبهم العادل بالحرية الأسير الشاب خالد فراج من مخيم الدهيشة جنوب مدينة بيت لحم.
وقالت والدته لصحيفة "فلسطين": إن نجلها أعلن عن إضرابه عن الطعام في السادس والعشرين من مارس الماضي، حيث إنه شعر أن الاعتقال الإداري الذي فرض عليه إنما هو تحدٍّ من جهاز (الشاباك) ومحاولة لتغييب نشطاء معينين عن الساحة الفلسطينية.
وأوضحت أن نجلها كان معروفا بنشاطه المساند للأسرى وخاصة المضربين عن الطعام، حيث كان يتصدر الفعاليات دون توجيهات من أحد، وكان يفتتح خيما للتضامن معهم والجلوس فيها رغم برد الشتاء وحر الصيف من أجل التضامن معهم ورفع صورهم وإيصال صوتهم المخنوق.
وأضافت والدة الأسير: "لم أتوقع أنني يوما ما سأكون أمّا لأحد الأسرى المضربين، فخالد كان يحدثني عن معاناة الأسير المضرب ويشرح لي ما يحدث له من معاناة صحية ولكنه الآن هو المضرب عن الطعام فأتصور كل ما شرحه لي ويقتلني الألم عليه، حتى أنني لم أعد أشعر برغبة في تناول الطعام وأستفيق على صورته كل يوم".
وبعد ما يقارب الشهر من الإضراب وعزله في الزنازين الانفرادية رضخ الاحتلال لمطالب الأسير واستجاب لمطالب تحديد سقف لإنهاء اعتقاله الإداري في أكتوبر القادم؛ وبالتالي يمكث في الأسر عاماً كاملا دون تهمة ولا محاكمة.
وأشارت الوالدة إلى أن محكمة الاحتلال كانت قررت الإفراج عن ابنها بعد اعتقاله بأسابيع في سبتمبر الماضي، ولكن نيابة الاحتلال استأنفت على القرار وأبقته رهن الاعتقال وحولته للإداري لمجرد تغييبه.
وتابعت: "إنهاء إضرابه عن الطعام جعلني أشعر بفرحة كبيرة بسبب انتصاره على سجانه، ولكنها منقوصة بسبب معاناة العديد من الأسرى مع استمرار الإضراب، فخالد خسر من وزنه الكثير وشعر بتعب شديد وتقيأ الدماء خلال إضرابه، وهذا ما جعلنا نشعر بالقلق الشديد على كل الأسرى المضربين".
حتى الكرامة
بدوره يواصل الأسير حسام الرزة (٦٠ عاما) من مدينة نابلس إضرابه المفتوح عن الطعام رفضا لهذا النوع البغيض من الاعتقال.
وتقول عائلته إنه اعتقل في السابع عشر من أبريل عام ٢٠١٨ وحُول للاعتقال الإداري فوراً، علما أنه اعتقل مرات عدة أمضى خلالها ١٨ عاما في سجون الاحتلال.
وتوضح العائلة أن الاعتقال الإداري جُدِّد للأسير ثلاث مرات دون أي تهمة رغم كبر سنه ومعاناته من أمراض عدة، ورغم ذلك أعلن إضرابه المفتوح عن الطعام طلبا للكرامة التي يحاول الاحتلال محوها عن كل فلسطيني.
ويواصل الأسير الرزة القيادي في الجبهة الشعبية إضرابه عن الطعام لأكثر من ٤٠ يوما، وبحسب العائلة فهو يعاني من آلام شديدة في الرأس والمفاصل ويتقيأ الدماء ونقص من وزنه الكثير، في حين يصر على مواصلة الإضراب حتى تحقيق الحرية والكرامة الإنسانية.