فلسطين أون لاين

​عاملات الأسواق بغزة.. مسيرة عطاء لم يوقفها لين عظامهن

...
خان يونس- شيماء بركة:

منذ ثلاثين عامًا تحرص حربة أبو سمحان على الاستيقاظ في ساعات الفجر الأولى، تشمّر عن ساعديْها لتُعد اللبن والحليب والجبن البلدي لبيعها في الأسواق اليومية بمحافظة خان يونس، جنوبي قطاع غزة.

أبو سمحان التي تخطت العقد الخامس من عمرها بدأت عملها في بيع الألبان في الأسواق منذ نعومة أظفارها، واستمرت بعد زواجها، ولا يزال عملها هذا مصدر دخل رعاية أبنائها وزوجها المسن حاليًّا.

وشهر رمضان المنتظر قدومه بعد عدة أيام موسم ذهبي لعمل المسنة حربة، إذ يأتيها زبائنها من كل مكان لطلب الألبان والأجبان طوال أيام الشهر الفضيل.

تقول لـ"فلسطين" عن ذلك: "مش ملاحقة أخض لبن؛ الناس بتعشق اللبن في شهر رمضان".

لكن أبو سمحان تعاني عدم توافر آلة مهمة لها في خض اللبن، وقالت: "أتمنى لو عندي آلة خض اللبن ومولد كهربائي، أسهل من الخض باليد".

تتحدث إلى صحيفة "فلسطين" عن مشوارها الذي لم ينقطع في أسواق خان يونس، منذ 30 عامًا: "أعانى مرضي السكر والضغط، لكن ظروفي الصعبة هي التي جعلتني أنخرط في العمل بعد مرض زوجي".

وتحكي: "أعمل بكل إخلاص وتفانٍ"، لافتةً إلى أن المرأة بغزة تعيش في ظروف صعبة، وهذا الأمر انعكس على أدائها في المنزل، بسبب غيابها ساعات طويلة خارجه.

وعلى سوداوية المشهد الذي تعيشه أبو سمحان تبدو فخورة بنفسها، تقول: "استطعت توفير مصروف البيت، وعلاج زوجي، رغم تحديات كبيرة محيطة في مجتمعي".

ولا تفارق الابتسامة وجه هذه المسنة، ودائمًا تتكلم مع الزبائن وتقنعهم بشراء اللبن، وتصف نفسها بأنها "محظوظة"، لأنها تنتهي من بيع كمية الألبان الأولى التي صنعتها في ساعات الليل عند الساعة العاشرة صباحًا، ثم تعود في ساعة العصر إلى سوق البلد لبيع كميات أخرى.

وتمضي أبو سمحان بالقول: "حتى الناس كنت أرى في عيونهم النقد"، مشيرة إلى أن نقاء المهنة والنجاح في العمل كانا كافيين لتغيير نظرة الناس إلى عمل المرأة في مجتمعاتنا، "فأنا استطعت تلبية احتياجي أولادي الخمسة"، وفق حديثها.

الكثير من النساء واظبن على الانخراط في سوق العمل بدافع الحاجة للمال، وسعيًا لتدبير أمور أسرهن، مع ارتفاع معدلات البطالة بسبب الحصار الخانق الذي فرضه الاحتلال على قطاع غزة منذ قرابة 13 سنة.

ولم يكن الوضع أفضل لدى الحاجة أم حسن، التي احترق قلبها على وضع بيتها المعدوم من المصروف، وكان الحصار المفروض على قطاع غزة سبب في عملها بائعة للخضار، لكي تكسب بعض المال الذي يسد رمق بيتها المحروم.

تقف أم حسن في سوق الأربعاء بمحافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة لبيع الخضار والفواكه، وهي تنادي بصوت أجش يشق عنان الفضاء، على البضاعة التي تشتريها بأسعار قليلة وتربح منها ما يجعلها تعيش يومها مرتاحة.

وتقول: "لم يكن أمامي طريق للعيش سوى فرش بسطة للخضار في الأسواق، لكي أتغلب على الوضع الذي أجبرنا عليها".

تصمت قليلًا ثم تحكي عن دوافع عملها: "زوجي مريض لا يقوى على العمل، والظروف هي التي دفعتني إلى العمل ساعات طويلة كي أوفر احتياجات المنزل".

وتضيف: "لن أتراجع عن العمل؛ فهو مصدر رزقي الوحيد؛ فأولادي هم سندي وأمل حياتي، لهذا أشتري الخضار وأبيعها في السوق لتوفير حاجاتهم وتلبيتها".

وتفيد إحصائية رسمية صادرة عن المركز الفلسطيني للإحصاء أن عمل الإناث الشابات يتركز في قطاع الخدمات، في حين أن قطاع التجارة والمطاعم والفنادق هو الأكثر استيعابًا لعمالة الشباب الذكور.

وحسب الإحصائية بلغت نسبة الشباب العاملين في قطاع الخدمات 23.0% في عام 2017م (16.8% ذكور و65.2% إناث) مقابل 28.4% يعملون في قطاع التجارة والمطاعم والفنادق (30.6% ذكور و13.2% إناث)، و19.6% في قطاع البناء والتشييد (22.2% ذكور و1.4% إناث)، و15.1% من الشباب يعملون في الصناعة (15.8% ذكور و10.7% إناث).

وبلغت نسبة العاملين في قطاع الزراعة 7.5% (7.9% ذكور و4.7% إناث)، في حين بلغت نسبة العاملين في قطاع النقل والتخزين والاتصالات 6.4% (6.7% ذكور و4.8% إناث).