"راح الغالي ما في بعده غالي"، قالتها والدة الشهيد عمر أبو ليلى، متحدية تفجير الاحتلال منزلها في بلدة "الزاوية" غربي سلفيت، خرجت هي وزوجها يرفعان شارة النصر، ترتدي قلادة خريطة فلسطين، تؤكد تجذرهم في أرضهم، الهدم وإن فتت الحجارة التي جمعت الوالدين بابنهما الشهيد تحت سقف بيت واحد، وجمعتهم ذكريات جميلة، لكنها لن تمحو ذكريات الشهيد في قلب والديه.
الساعة العاشرة مساءً اقتحمت بلدة "الزاوية" نحو 40 آلية عسكرية إسرائيلية، كان المشهد "همجيًّا" كما يرويه أمين أبو ليلى والد الشهيد لصحيفة "فلسطين"، قنابل غاز، وقنابل صوتية، ترويع للأهالي، أو "إرهاب بكل ما تحمله الكلمة من معنى" كما يصفه.
وأضاف: "قاموا بإخراجنا دون إنذار رسمي بالهدم، لم يعطِنا جنود الاحتلال ولو دقيقة واحدة كي نقوم بإخراج أغراضنا (...) كنا متوقعين عملية الهدم نظرًا لوجود تهديدات في وسائل الإعلام لكن لم نبلغ رسميًّا أو يتم تحديد اليوم فكان الأمر مفاجئًا لنا".
تفجير همجي
"بترجع الساعة السابعة صباحًا"، هكذا كان رد ضابط جيش الاحتلال على طلب والد الشهيد بإمهاله عدة دقائق لإخراج بعض الأغراض الضرورية، قاصدا استفزازه لأنه سيعود ولن يجد شيئا في شقته سوى الركام، فقبل شروق شمس الأربعاء فجر الاحتلال الطابق الثاني من منزل الشهيد أبو ليلى، في هذا الطابق عاش ونشأ عمر، طبع فيه ذكريات ومواقف كثيرة لا ينساها والداه، ذهبت الحجارة وبقيت تلك المواقف لا تذهب من قلبيهما.
يعلق والد الشهيد على الهدم في حديثه مع صحيفة "فلسطين": "هدم المنزل لن ينزل من عزيمتنا، بل سيعطينا دافعا قويا على المواصلة (...) التفاف أهالي القرية ومحافظة سلفيت ومن عنده غيرة على شعبنا أعطانا دافعا للأمام، بوقوفهم بجانبنا".
ويصف عملية اقتحام المنزل وتفجيره بأنه "مفاجأة وهمجية"، مضيفًا: "عدد كبير من جنود الاحتلال وآلياته اقتحموا المنزل، لم يعطونا وقتنا لأخذ أغراضنا، لكننا عدنا إلى الطابق الأول بنفس المنزل رغم وجود تشققات فيه، فهذه أرضنا لن نتخلى عنها وسنبقى ثابتين فيها، فالحجارة لا تساوي شيئا بالنسبة لعمر ومن بنى البيت سيبني بيتين".
وأضاف: "شرعنا في بناء بيت جديد بالقرب من المنزل، بالتعاون مع بلدية سلفيت، لكون الطابق الأول غير صالح للسكن، والاحتلال أعطى أوامر تفجير ومصادرة للطابق الثاني".
عقاب جماعي
ويعلق والد الشهيد على سياسة العقاب الجماعي، قائلًا: "هذه سياسة لن تجدي نفعًا مع المقاومين من أبناء الشعب الفلسطيني، فهم صامدون ثابتون في أرضهم يدافعون عنها لاسترداد حقوقهم، من ناحية أخرى الهدم لن يعاقبنا فذكرياتنا مع عمر محفورة في قلوبنا وليست في حجارة أو صورة".
"الالتفاف الشعبي كان من أكثر ما ساعد والدا الشهيد على الصمود وتحدي قرار الهدم"، مضيفًا: "هذه الوقفة والالتفاف، أعطتنا قوة، فجميع الفصائل وقفت بجانبنا، وهذه دلالة على أن اللحمة موجودة بين أبناء الشعب الفلسطيني، فكانت جنازة ابني الشهيد بمثابة عرس وطني وحدوي شارك فيه الكل الوطني".
وكانت قوات الاحتلال قد أعدمت الشهيد عمر أبو ليلى (19 عاما) في التاسع عشر من آذار/مارس الماضي في منزل مهجور ببلدة "عبوين" شمال رام الله بعد مطاردته لثلاثة أيام، واحتجزت جثمانه، وذلك بزعم تنفيذه عملية طعن قرب مستوطنة "أرئيل" غرب سلفيت أسفرت عن مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة ثالث بجراح حرجة.
وكانت محكمة الاحتلال العليا قد رفضت الأسبوع الماضي التماسا لوقف قرار الاحتلال بهدم منزل عائلة أبو ليلى، وأمهلت العائلة حتى أول من أمس لإخلاء منزلها.

