فلسطين أون لاين

بالصور "مسطرين" و"طينة" .. هكذا يحاول "السعافين" إعادة ترميم منزل أسرته المدمر

...
المواطن الفلسطيني مهدي السعافين (55 عامًا) يحاول إعادة ترميم منزل أسرته المدمر في غزة
غزة/ محمد عيد:

لا يتوقف المواطن مهدي السعافين عن النبش في ركام منزله الذي دمرته طائرات الاحتلال الإسرائيلي، بحثا عن حجارة اسمنتية أو أعمدة حديدية أو ألواح صفيح لإعادة تدويرها في بناء إيواء جديد لأسرته.

يشارك الأبناء والأحفاد الحاج مهدي (55 عاما) في عملية البحث أسفل ركام المنزل الذي دمره الاحتلال أكتوبر/ تشرين أول 2023 في مخيم البريج وسط القطاع، كخطوة عائلية جماعية لقرار البقاء في غزة والصمود أمام المحاولات الإسرائيلية - الأمريكية لتهجير أهلها.

بعد عامين من الإبادة الإسرائيلية والنزوح المتكرر للعائلة في مدارس الإيواء والخيام، ذاقت خلالها ويلات القصف والجوع والنزوح، وجد رب الأسرة العودة للمنزل المدمر والبناء في محيطه "خيارا وحيدا لا ثان له".

photo_2025-12-02_14-43-58.jpg
 

"لا مراكز إيواء ولا خيام تصلح للعيش!"، يقول السعافين الذي أنهكته حياة النزوح ومعاناة فصل الشتاء أن ذلك هو ما دفعه للعودة للحي وترميم غرفتين سكنيتين في منزل ملاصق لمنزله المدمر.

لم تتسبب طائرات الاحتلال بتدمير منزل السعافين وحده بل تعدت ذلك بتدمير المربع السكني كاملا حتى المكان الذي يحاول العيش فيه أصابه الدمار الجزئي.

"هذا ليس منزلي، هذا منزل أقاربي دٌمر جزئيا بفعل القصف الإسرائيلي، وحاليا أحاول ترميمه للعيش فيه"، يضيف في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن هذا الخيار هو الأفضل بدلا من الخيام المهترئة التي لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء.

photo_2025-12-02_14-43-59 (2).jpg
 

وينص البروتوكول الإنساني لاتفاق وقف إطلاق النار في يناير/ كانون ثان 2025 على إدخال 600 شاحنة يوميا إلى غزة، منها كرفانات الإيواء والإيواء والإغاثة العاجلة، ورغم ذلك أبقت (إسرائيل) عملية إدخال المساعدات تحت قيود عسكرية مشددة.

ونظرا لتلك القيود وانعدام مواد البناء كجزء من الحصار الإسرائيلي الشامل على غزة، وجد فكرة "البناء بالطين" حلا أخيرا لأجل عملية الترميم ولم شمل عائلته وأحفاده في مكان واحد.

لم يعاصر عامل البناء سابقا فكرة البناء بالطين في ذاك الزمن القديم، لكن الفلسطيني صاحب الأرض: "لا يصعب عليه شيء" هكذا يقول صاحب المنزل المدمر.

وحتى عملية الحصول على "الطين الأحمر" اللازم لعملية ترميم البناء يحتاج إلى مجهود، إذ يحتاج السير في طرق وعرة ومكسرة في مخيم البريج وصولا لمناطق زراعية شهدت أعمال تجريف واسعة من قبل آليات الاحتلال.

photo_2025-12-02_14-44-00 (4).jpg
 

وبعد ذلك، يصطحب الأب والأبناء أكياس الطين ثم خلطها بالتبن ليعطي قواما بديلا عن الإسمنت، ويستخدم لاحقا في عملية البناء كي تتماسك الحجارة مع بعضها البعض، لتكون "سترا" لأفراد عائلة ذاقت ويلات النزوح المتكرر في حرب إبادة جماعية غير مسبوقة في العصر الحديث.

يشير السعافين بيديه إلى ركام المربع السكني المدمر، ويتابع: "لم يبق لنا الاحتلال أي شيء، لقد دمر حياتنا ومنازلنا ومصالحنا المعيشية"، ورغم ذلك يشدد على ضرورة البقاء والصمود على هذه الأرض.

وبينما يمسك بيده اليمني "مسطرين" البناء ليغرف من الطين لأجل رص الحجارة الناجية من الدمار الكلي، يصرخ بصوت واثق: "كل مخططات الاحتلال بتهجيرنا ستفشل .. هذا البناء دليل تمسكنا بأرضنا ومنازلنا".

ورغم شكواه من انعدام وسائل البناء والأغطية والإيواء – وغلاء ثمنها إن وجدت - إلا أنه يصر على ضرورة العودة للحياة لإكمال مسيرة الشهداء والدماء التي سالت على هذه الأرض المباركة.

وكغيرها من العائلات الغزية تحاول أن تكون عائلة السعافين كـ"طائر العنقاء" للنهوض مجددا بعد ارتقاء عشرات الأبناء من العائلة شهداء في هذه الحرب الشرسة، ويحاول الأحياء من الرجال والنساء إعادة شملها لاستكمال مسيرة الحياة والتمسك بالحقوق الفلسطينية.

وفي سبيل ذلك، لجأت عشرات العائلات إلى ترميم غرف معيشية بـ"الطين" أو تغطيتها بالشوادر البلاستيكية وسط تفاقم الحياة المعيشية في غزة نتيجة الإبادة الجماعية وتنصل الاحتلال من تنفيذ بنود اتفاق وقف الحرب على غزة.

photo_2025-12-02_14-44-00 (3).jpg
 

المصدر / فلسطين أون لاين