انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لقادة فصائل فلسطينية وهم يرتدون ملابس الأسر داخل مكان يشبه السجن، في خطوة تضامنية رمزية تحاكي واقع الأسرى، وكالعادة اختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض، بررها المؤيدون بأنها فكرة أنتجتها الظروف بهدف زيادة إثارة الانتباه لواقع الأسرى المرير، ولخلق نوع من التفاعل والتضامن معهم في إضرابهم، بينما استند المعارضون على أن هذه الصورة تُظهر الأسرى بمظهر ضعف، وأنه كان الأجدر بالقادة أن يجسدوا مشهدا يحمل معالم القوة مثل أن يظهر كل قائد فصيل وكأنه يمسك جنديا صهيونيا أسيرا.
الجدير ذكره أن من المعترضين على الصورة هم من داعمي المقاومة، وهذا أمر ايجابي طالما أن الاختلاف هو اختلاف اثراء وليس تناقضاً، وشخصياً، لا أنكر على أحد اعتناق ما يراه مناسبا من الآراء، لكن الذي أثار استغرابي هو أن كثيراً ممن اعترضوا على الصورة باعتبارها اهانة للأسرى من وجهة نظرهم، يصفقون لمن يهين الأسرى سواء وهم داخل السجون من خلال ترك قضيتهم بلا حراك يشفي صدور الأسرى وأهلهم، ومساومتهم على حقوقهم لو شاركوا في الإضرابات، وسواء هم خارج السجون حين تقطع رواتبهم.
هنا سؤال، أليست الصورة والمقال والتقرير الصحفي والقصيدة والقصة القصيرة والطويلة والبرنامج الإذاعي والمرئي والفيلم والدعاء والمسلسل والمسرحية والوقفة التضامنية والمهرجان، أدوات نضالية لإبراز أي قضية ونصرتها ؟ أليست هذه الأفكار هي التي تحبذها المجتمعات الغربية باعتبارها خالية من مشاهد القسوة؟
إن الإعجاب بمثل هذه الأفكار لا يعني أنها تغني عن فكرة أسر الجنود التي هي العمود الفقري لأي عمل حقيقي مساند للأسرى، والمقاومة الفلسطينية سجلها حافل بعمليات أسر جنود صهاينة وآخرها "وفاء الاحرار"، ولا زالت المقاومة تحتفظ في جعبتها بمفاجآت تسر قلوب الشرفاء، وما تغريدة ابو عبيدة إلا تأكيد على ذلك حيث قال: إن قيادة القسام أصدرت الأوامر لوحدة الظل بتفعيل المعاملة بالمثل، وهذا حديث يُستشف منه أن لدى المقاومة جنودا أحياء.
إن المنطق يقول بأن كل فكرة يمكن أن تخدم القضايا الوطنية هي فكرة تصبح واجبة التنفيذ مهما كانت بسيطة، وعلينا ألا نستهين بصغيرة لأن الجبالَ من الحصى، وهنا استذكر أنه قبل فترة نظمت حركة الاحرار الفلسطينية ندوة بعنوان "آليات دعم وإسناد الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية" وكان من ضمن المتحدثين الأستاذ عماد الإفرنجي مدير منتدى الإعلاميين الفلسطينيين (في حينه)، والذي أمطرنا بوابل من الأفكار الدسمة لخدمة الأسرى، منها:
1_ تفعيل الساحات الغربية بإرسال رسائل للسفارات الأجنبية وتنظيم فعاليات في الجامعات وأمام السفارات الصهيونية والدول الداعمة لها وأمام المؤسسات الدولية والمراكز الشبابية، لشرح معاناة الأسرى وأهلهم.
2_ اصطحاب أهالي أسرى و أسرى محررين لزيارات خارجية.
3_ إنتاج أفلام سينمائية عن الأسرى وترجمتها بعدة لغات وعرضها على القنوات العربية والدولية.
4_ توزيع بطاقات دعائية تتحدث عن الأسرى على المسافرين في وسائل النقل والمواصلات الفلسطينية والعربية والدولية.
5_ وضع فواصل إعلانية عن قضية الأسرى بين البرامج على الفضائيات العربية والدولية وبلغات عديدة.
6_ استثمار طاقات الشباب الفلسطيني والعربي في الخارج للتعريف بهذه القضية بكل اللغات وعلى كل وسيلة ممكنة من: مواقع تواصل اجتماعي ،وصحف و مجلات، وإذاعات، وجامعات.
وأنا أقترح :
1_ إنشاء فضائية باسم " الثوابت " تتحدث عن القضايا المركزية الفلسطينية (الأسرى، القدس، الحصار، التغول الاستيطاني، وقضايا أخرى).
2_ التنسيق مع صحف دولية ضخمة لنشر تقارير إعلامية ومقالات ورسوم كاريكاتور تحمل وجهة النظر الفلسطينية.
3_اعادة تفعيل وزارة الأسرى والمحررين وتأسيس فرع لها في كل سفارة ويقودها مُحرر لشرح معاناة الأسرى.
4_الوقوف بيافطات تحمل صوراً للأسرى في دور السينما العربية والغربية.
5_تسمية كل فصل دراسي باسم أسير ووضع بطاقة تعريفية عنه على باب الفصل.
6_ تخصيص مساقات جامعية تذكر بطولات الأسرى كل باسمه.
7_ الحديث في الاذاعة المدرسية بشكل اسبوعي عن أسير .
8_ وضع صور الاسرى في الميادين العامة والمؤسسات الخاصة والعامة.
إن معين الأفكار الوطنية لا ينضب، فكل منا مطالب بأن يجتهد على قدر علمه وجهده، ولنا في ما قاله أبو الطيب المتنبي قدوة حسنة :عَـلَى قَـدْرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ وتَأتِي عَـلَى قَـدْرِ الكِـرامِ المَكـارِمُ.