فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

​لتعليم أطفالك ثقافة الحوار.. ابدأ بنفسك

...
سلوك الأب القائم على فكرة أن احترام الآخرين هو احترام للذات
غزة/ نبيل سنونو:

يربط عماد قدادة (52 عامًا) بين سلوك الطفل وما إذا كان "ذا عقلية جاهزة للحوار"، وقدرة أبيه على التحاور معه في مجالات مختلفة من الحياة، لنصحه وتوعيته.

وقدادة الذي يقطن في مدينة غزة وله خمسة أبناء، يقول لصحيفة "فلسطين" ردًا على سؤال حول سبل تعزيز الرجل ثقافة الحوار داخل أسرته: في حال اختلف أبناؤه ولم يلجؤوا إلى الحوار، يتدخل هو للفصل بينهم.

أحمد مشتهى الذي يكبره بعامين، وله سبعة أبناء، يعتقد من جهته، أن التربية الصحيحة من البداية التي تقوم على القرآن الكريم وسنة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم تكفي وحدها لتأسيس أسرة كريمة وطيبة، قائلاً: من خلال هذه التربية والفهم لكتاب الله ومنهج رسوله في التفاهم وإرساء قواعد السعادة في البيت يكون الحوار هو الطريقة للتخاطب وفهم الآخر.

ويشير مشتهى في دردشة مع صحيفة "فلسطين"، إلى أن اختيار الرجل الزوجة الصالحة أساس مهم في ذلك؛ لا سيما أنه يغيب عن البيت للعمل في أوقات النهار.

ويفسر: الزوجة الصالحة عماد من أعمدة البيت، وهذا يعزز ثقافة التفاهم والحوار داخل الأسرة.

ولا ينسى مشتهى المكنى بـ"أبو همام"، أن الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال تجعل الحاجة ماسة للتلاحم والتفاهم والحوار بين الأب وأبنائه في ظل المغريات الكثيرة والغزو الثقافي الذي يجتاح البيوت عبر مواقع التواصل الاجتماعي والدعاية التي يوجهها الاحتلال في محاولة للقضاء على الروح المعنوية والأخلاق لدى الجيل الفلسطيني الجديد.

ويُلقي ذلك على الأب مهمة أن تكون عينه مسلطة على أبنائه دائمًا، حتى في أوقات خروجه للعمل، قائلاً: ماذا يجدي كسب الرزق إذا ضاعت أخلاق الأولاد والقيم التي يحيون من أجلها؟

ويؤكد مشتهى، الموظف في القطاع الخاص، ضرورة توافر نوع من الاهتمام الزائد بالأولاد في هذه المرحلة لتعزيز التفاهم.

وعن سبل ذلك، يقول: غالبًا بعد صلاة العشاء ألتقي مع أبنائي ونشرب معا كوبًا من السحلب أو ما شابه، ويكون في هذا اللقاء نوع من "الفضفضة" من طرف الأولاد الذين يتبادلون أطراف الحديث ويتحاورون.

لكنه يلفت إلى أن مسؤولية الأب تبقى في محاورة الأبناء في الأمور الخفية التي قد لا يستطيعون البوح بها أمام الجميع.

ويعتمد مشتهى على قوة ملاحظته في ذلك، وأيضًا على إشارات يتلقاها من زوجته، وعندما يلاحظ أن أحد أبنائه على غير طبيعته من التبسم يستدعيه لمحاورته ليفهم طبيعة المشكلة.

ويداوم الرجل الخمسيني على توعية أبنائه وهم حفظة لكتاب الله، بأنهم يعيشون في دولة محتلة وهم جزء من أمل الأمة بعد الاتكال على الله، معززًا فيهم روح الرجولة والقوة والصمود.

الحب والسلطة

من جهته ينبه أستاذ علم الاجتماع د. ناصر مهدي، إلى أن طبيعة الأب هي أنه مؤثر، وذلك ناتج عن امتلاكه الحب والسلطة، وعندما يفقدهما فإنه يفقد التأثير.

ويقول مهدي لصحيفة "فلسطين": إن مفهوم القدوة مرتبط أساسا بفكرة هذا التأثير، والقدوة لا بد أن تبدأ بنفسها.

ويوضح أن سلوك الأب القائم على فكرة أن احترام الآخرين هو احترام للذات يعكس صورة للطفل في عملية التنشئة الاجتماعية.

ويشير إلى أن القيم المرتبطة بالأسرة متعلقة بطبيعة الاحترام المتبادل والعلاقة داخل الأسرة وخارجها مع الأقارب كالجدة والجد والأعمام والأخوال.

ويتابع خبير علم الاجتماع بأن تعزيز هذه الصورة يرتبط بأن تكون العلاقة إيجابية فيها قيم التسامح والاحترام المتبادل والثقة والمحبة.

ويبين مهدي أن التنشئة مرتبطة بطبيعة الأب وصورته التي تنتقل إلى الطفل، مردفًا: إن القائم على الأسرة هو المسؤول عن هذه القضية، وينبغي أن يمثل أنموذجًا في التعامل بمبدأ الحوار والنقاش والتفاهم مع الآخرين ليتبعه ابنه.

وفي حال حدث خلل عند الأطفال في هذا الصدد –والكلام لا يزال لأستاذ علم الاجتماع– فهناك سبل منها التدريب والتعليم والتوعية بأن الإنسان يستطيع الحصول على ما يريد بالحوار والنقاش والإقناع وليس بالطرق العنيفة.

ويؤكد أنه يتعين على الأب أن يزرع قيم التسامح والحوار والحقوق والواجبات في أبنائهم منذ الصغر.

ويرى مهدي أنه من الصعب تعليم الأبناء إذا لم تكن هذه القيم موجودة لديهم منذ نعومة أظفارهم؛ ومن شأن تبني الأسرة الحوار أن ينعكس على المجتمع ككل.