قال أحد المسؤولين في منظمة التحرير إن مسيرات العودة اختراع حمساوي لتوجيه الغضب الشعبي إلى العدو بدلًا من الانفجار داخليًّا، وأنا أعتقد أن مسيرات العودة فعاليات شعبية سلمية، ولكن إن كان حضور مناصري حماس تميز عن الآخرين فذلك يعود لحجم الحركة في الشارع الفلسطيني، فالحركة حازت أغلبية في آخر انتخابات في المجلس التشريعي ومن الطبيعي أن يكون حضورها أكبر من غيرها في أي نشاط عام، ومن ناحية ثانية يظهر أن حماس تجيد -أكثر من غيرها- تحضير نفسها لأداء واجبها سواء في المسيرات أو في غيرها من الفعاليات، والمسألة الأخيرة هي أن غالبية من يشاركون في فعاليات على الحدود ضد العدو الوحيد للشعب الفلسطيني ليس لديهم قناعة في المشاركة في تظاهرات داخلية والعكس صحيح، ولذلك فإن المسيرات لم تؤثر في اتجاه غضب الشارع كما يزعم البعض.
أحد قادة الأحزاب في غزة قال إن حزبه سيقاطع فعاليات الإرباك الليلي نكاية في حركة حماس، وهذا دليل على أن حزبه يتبنى المقولة السابقة، ثم خرجت قيادية من ذات الحزب لتعارض تفاهمات التهدئة بذريعة أن قضية غزة ليست قضية إنسانية، وهذا تطابق آخر بين الحزب المشار إليه وقناعات من يسيطر على المنظمة، ولم تقتصر التصريحات على هذا القيادي أو تلك ولكن كثيرين من الحزب ذاته أدلوا بتصريحات تؤكد أنهم ضد مسيرات العودة وضد مخرجاتها وإن كانت لصالح قطاع غزة والشعب الفلسطيني، ويبدو أن ضغوطًا شديدة تمارس عليهم للوقوف ضد حماس أو عليهم تحمل وقف مخصصاتهم المالية لفترة زمنية أطول.
أقول باختصار إن من يريد المقاومة فلديه 27 ألف كم -من البحر إلى النهر- ليقاوم فيها، ولكن غزة "360 كم" تخضع لحصار مشدد ولا بد من رفعه، والأغلبية في غزة مع التفاهمات -إن التزم بها الاحتلال- ولا يحق للأقلية محاولة تخريبها بحجج واهية، ولكن من جانب آخر، إذا فكر أي فصيل بإعلان قيام دولة فلسطينية في قطاع غزة سيلفظه الشعب وسيحاربه أيا كان ذلك الفصيل، فنحن نؤيد شعار "لا دولة في غزة ولا دولة من دون غزة -دولة حسب وثيقة الوفاق الوطني"، ونؤيد بكل قوة إتمام المصالحة، ولكن لا علاقة لإقامة الدولة أو للمصالحة بمسيرات العودة، ولا يوجد أي تعارض بينها، فيمكن أن تستمر المسيرات والتفاهمات وحوارات المصالحة، ونأمل أن تلعب الأحزاب الصغيرة دورا إيجابيا في إتمام المصالحة بدلا من محاولات العرقلة سعيا لتحقيق أهداف حزبية خالصة.