فلسطين أون لاين

​الشهيد نضال أوصى بتوزيع الحلوى قبل الذهاب للقاء أخيه

...
غزة- مريم الشوبكي:



بعد أن تلقى عبد الكريم شتات خبر استشهاد نجله نضال أسرع نحو ثلاجات الموتى وهو لم يصدق بعد أن بِكره قد فارق الحياة، انحنى الوالد باكيًا يقبل وجنتي فلذة كبده الملطختين بالدماء وهو مسجى، يهزه راجيًا إياه أن يفيق.

ودع شتات طفلًا شهيدًا قبل 19 عامًا خلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000م، وها هو يودع شهيدًا آخر قضى أول من أمس برصاص جيش الاحتلال خلال مشاركته في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، ومع ذلك يهب ابنه الثالث في سبيل الله، راضيًا بقضاء الله وقدره باصطفاء أبنائه من الشهداء.

يقول الأخ الأصغر للشهيد محمد: "كان نضال شابًّا مسالمًا لا يحب الشجار مع أحد، كان يومه ينقضي ما بين عمله وبيته، ما عدا يوم الجمعة كان يشارك في مسيرات العودة شرقي مخيم البريج، وسط قطاع غزة".

ويضيف محمد لـ"فلسطين": "المفارقة أن نضال منعني من المشاركة في المسيرة خوفًا على حياتي، بحجة أن لدي أبناء يحتاجونني، أما هو فاستمر في المشاركة في كل حدث قرب السياج الفاصل شرق غزة، بالمشاركة في فعاليات الإرباك الليلي أو التظاهر يوم الجمعة".

رحل نضال عن هذه الدنيا، وترك ولدًا في سن 6 أشهر، وبنتًا تبلغ من العمر سبعة أعوام، ملتاعين على فراقه، فلم يحظَ برؤيتهما منذ عدة أشهر بسبب خلافات عائلية، لم يستطع أن يراهما وهو حي، فأوصى أن يحضرا جنازته ليودعهما الوداع الأخير قبل أن يوارى الثرى.

ويواصل محمد حديثه: "اللحظات الأخيرة التي يرويها أصدقاؤه أن نضال تأخر في المسجد بعد صلاة العصر، ففاتته الحافلة التي يحمل المشاركين إلى مسيرات العودة شرقي البريج، فهرول مسرعًا للحاق بها، حتى تمكن من ذلك، مستعجلًا لقاء الله".

ويتابع: "أصيب برصاصة مباشرة في القلب، فرفع على الحمالة، يكبر الناس من حوله وهو يردد معهم التكبيرات ويتلو الشهادة، حتى وصل إلى المستشفى ولفظ أنفاسه الأخيرة هناك".

آخر من رآه نضاله قبل استشهاده بساعات هي والدته، التي طلبت منه أن يجلب لها الماء، فمازحها: "سأعبئ لي ماء يكفيك ثلاثة أيام"، قاصدًا أيام بيت عزائه الثلاث، موصيًا إياها ألا تبكي عند استشهاده بل أن تطلق الرصاص فرحة، وتوزع الحلوى.

ويبين محمد أن كلًّا في حالة صدمة من استشهاد نضال: والده، وإخوته، وأصدقائه، حتى جيرانه، لم يكن أحد يتوقع أن يكون يومًا شهيدًا، لشخصيته المسالمة التي تتفادى المشاكل، وأي أحداث.

ويشدد على أنه سيستمر في المشاركة في مسيرات العودة ليكمل مشوار أخيه نضال، حتى تحقيق العودة ورفع الحصار عن قطاع غزة؛ فلا يمكن لدماء الشهداء أن تذهب هدرًا، بعدما طالبوا بأبسط الحقوق: العيش بكرامة وحرية.