تغنّى الشعراء بالربيع منذ القدم، وكتبوا فيه أجمل الكلمات، وتعلمنا صغارًا أن نربطه بعيد الأم والمرأة، وكان للربط بينهما وقع جميل في نفوسنا، كيف لا وهي الأم والحبيبة والابنة والشقيقة؟ تربينا على يدها وأرضعتنا الحنان والحب للإنسان والوطن، ربطنا الأم وحبها بالزهور وتفتحها والأشجار واخضرارها. تعلمنا أن جمال الطبيعة وتألقها معنيان آخران للأم.
كبرنا لنستشعر حنان الأخت ودفء قلبها لتشكل ربيعاً آخر لنا في عطائها، لتكتمل الصورة الجميلة بزوجة وحبيبة راعية وعفيفة، تربي الولد وتصون العرض وتحفظالمال، هذه هي المرأة فيثقافتنا، وفي ديننا الحنيف تفاصيل حقيقة المرأة ومكانتها، لكن في الحقيقة كثيرون هم من أساؤوا الفهم والتطبيق، وتعاملوا مع المرأة بانتقاص حق وتقليل شأن، ظلموها تارة وقيدوا حركتها وعقلها تارات أخرى لتقبع في مربع، وتتقوقع فيه لتدفن طاقاتها وقدراتها الرائعة ولتحرم المجتمع نصف قدراته الإنتاجية بغيابها عن المشهد الحياتي بجميع ألوانه، بالإضافة إلى أن المرأة قبلت ذاتها بهذا الدور كثيراً في مشوار حياتها، ومزج لدى الرجل سوء الفهم وتلوث العادات والتقاليد بظروف صعبة وصعوبات حياتية، ليضع المرأة في قالب أقل ما يقال إنها لا تستحقه.
صدّر لنا الغرب أعياداً لا دخل لنا بها.. فيحرقونها تارة في مصنعها ويعدونه يوماً لعيد مرأة، ويقتلون عاشقا وقساً ولهاناً ليفرضوا علينا عيداً للحب. لا يا سادة، فالمرأة لدينا أعز وأطهر، لا تحرق ولا تباد ولا تأكل بجسدها، فهي تُفتدى بالروح والولد لتُصان وتُحمى..
يحتفل الغرب بعيدها وهو من باعها ليسد ديونه في زمن الرومان، وهو من حرمها العيش بعد موت زوجها وقتلها حرقاً لتتبعه، وعدّها نجسة لا تقترب ولا يؤكل طعامها في ثقافات وعادات غربية أخرى.. لذا لسنا بحاجة لعيد لنحتفي بها فهي المكرمة والماجدة والحبيبة والعزيزة تحت قدميها الجنة وفوق رأسها العفة والطهارة، المرأة في بلادنا شريكة عمر ومشوار حياة طويل، ومعها وبها تحلو الحياة وتبتسم الأيام. المرأة في مجتمعنا الفلسطيني اليوم تقاسم الرجال كل التفاصيل، بل تتقدمه بالصبر والتضحيات بنفسها وأبنائها، هي المثابرة على ظلم الجائرين وضيق العيش وصعوبات الحياة، فخرجت من بيتها عاملة لتعود له بحب وصمت وهي بدورها قائمة، فالمرأة ليست قصة نجاح ومشوار كفاح وتذليل عقبات في لقاءات ومناسبات واحتفالات وأعياد، بل النجاح والكفاح وطيب العيش.
فحياتنا اليوم بحاجة إلى بناء شراكة فعالة في صنع قرار ورسم معالم حياة، وغرس بذور مساواة في كثير من تفاصيل الحياة وتكافؤ فرص بما يليق بأنوثتها ويحفظ عفتها وكينونتها.
هذه هي المرأة في حياتنا ومشوار عمرنا، فاسقوا هذه الوردة جميل كلامكم وحسن سلوككم، ارعوها لتبقى عنوانًا دائمًا للحب والعطاء، ليكتمل نصفنا ويترعرع النصف الثاني.