فلسطين أون لاين

​عندما تكتشف أن ابنك مدخن.. هذا ما عليك فعله

...
غزة/ نبيل سنونو:

لجأ الغزي محمد حجازي (50 عامًا) إلى استخدام القوة مع نجله العشريني عندما تفاجأ بأنه يدخن، لكنّ ذلك لم ينجح في وقفه عن شرب السجائر.

يقر حجازي بهذه النتيجة في رده على أسئلة صحيفة "فلسطين"، قائلاً: إنه اتبع أسلوبًا جديدًا خلاصته مطالبة نجله بأن يدخن أمامه وليس من ورائه حتى يعرف نوع السجائر التي يشربها ومدى ضررها عليه.

ويعتقد أن ابنه بدأ التدخين تقليدًا لأعمامه وأخواله، وهو يعتمد على ميزانيته الخاصة لشراء السجائر.

وانتهى المطاف بالوالد إلى أن يشرع في توعية مستمرة لابنه بمضار التدخين على صحته، محذرًا إياه: عندما تمرض، لا سمح الله، ستذكر هذه النصائح التي أوجهها لك.

لكن نجله لا يزال يدخن، ويرى والده من خلال تجربته أن على الآباء أن يوعوا أبناءهم، لكن إذا أصروا "ماذا ستفعل؟!"، يتساءل.

ويفرض حجازي نوعًا من الرقابة على أبنائه الصغار ومنهم الذي يدرس في مرحلة الثانوية العامة ليكون مطلعًا على من يرافقون.

"الممنوع مرغوب"، يستهل الغزي أحمد الغفري حديثه بهذه المقولة، مضيفًا: يجب توعية الأبناء بأن الدخان مضر بالصحة، لكن إذا كانوا يريدون التدخين فسيفعلون ذلك ولو خلسة، لذلك يجب مقابلتهم بالحكمة.

ولا يمكن أن يكون العنف سبيلاً متبعًا؛ لأنه سيولد عند الأبناء المدخنين رغبة إضافية بشرب السجائر، ولا بد من استبدال ذلك بالإحسان والنصيحة، يتابع الغفري.

ويدرك الأربعيني الأب لثلاثة أولاد، أن كبيرهم (24 عامًا) يدخن، والأوسط الذي يصغره بثلاثة أعوام يشرب الأرجيلة.

ورغم كون الوالد مدخنًا فإنه لا يعتقد أن يكون لجوء ابنيه للتدخين سببه التقليد، وبدلا من ذلك يُرجع هذا السلوك "للوضع العام الصعب" الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، وفق رأيه.

وقبل أيام حاول الأب الامتناع عن التدخين لكنه سرعان ما تناول ثلاث سجائر في آخر النهار.

وعن ادعاء بعض المدخنين أن تناولهم السجائر "إثبات رجولة" على حد قولهم، يرد الغفري: ما دخل الرجولة بالدخان؟ هناك رجال لا يدخنون.

ويتفق مصباح البابلي الذي يقطن في مدينة غزة مع سابقه بوجوب تبني النصيحة والتوعية بمضار التدخين بهدوء وبعيدًا عن العنف.

ويقول البابلي (49 عامًا) لصحيفة "فلسطين": إن أحدًا من أبنائي لا يدخن، لكن لو كان أحدهم يفعل ذلك ولا يستجيب للنصائح لا يجب التسليم للأمر الواقع.

والحل من وجهة نظره الاستمرار في تغذية تفكير الابن بمضار السجائر، لكن لن يصل الأمر أبدا لاستخدام القوة التي يمكن أن تعطي نتيجة عكسية وتزيد من شراهته في التدخين، وفق رأيه.

ويرى أن من الأسباب التي تدفع البعض للتدخين: عدم المتابعة، وسلوك الأب المدخن الذي يطلب من أبنائه شراء السجائر له ويزعم أمامهم أنها تساعد في التخلص من الملل، أو ما شابه.

التوجيه

ويرجع خبير علم الاجتماع د. عمران عليان سلوك الابن إلى عملية التنشئة والتربية، منبها إلى أنه يتخذ من أبيه قدوة.

ويقول عليان لصحيفة "فلسطين": لا يعقل أن يكون الوالد مدخنا ويطلب من أبنائه ألا يدخنوا.

ويشير إلى أن القدوة لا تقتصر على الأب فقط، فقد يكون الرفاق أو المعلم وغير ذلك، الذين يتبع الابن سلوكهم.

ولكون الوقاية خير من العلاج، يشدد أستاذ علم الاجتماع على أهمية التنشئة والتربية وزرع القيم الفاضلة في نفوس الأبناء وتعزيز الوازع الديني والأخلاقي، موضحا أنه لا يجوز ترك الأبناء في فترة التنشئة ثم اللجوء إلى عقابهم عندما يكبرون.

ويشير إلى أن كلمة أب ليست مجرد لقب وإنما تترتب عليها مسؤولية ومجهود يجب أن يبذله في زرع تلك القيم في المراحل الأولى من عمر الأبناء.

ويحذر عليان من أن العنف لا يولد إلا العنف، وهو ليس وسيلة للتربية والتنشئة السليمة، لكونه يؤدي إلى كبت يلجأ الأبناء إلى التنفيس عنه بالعنف المضاد.

وعما يجب على الآباء الذين يكتشفون تدخين أبنائهم فعله، يقترح عليان استخدام "العقاب المعنوي" مثل التخفيف أو منع المصروف الشخصي، وعدم مكافأته لإشعاره بأنه يسلك سلوكًا غير منطقي.

ويؤكد أهمية أن يترافق ذلك مع التوعية بالأضرار المادية والصحية للأبناء المدخنين بالحسنى وبعيدًا عن الأساليب القاسية.

ويشكل "التوجيه" أسلوبًا مهمًا أيضًا -بحسب لعليان- منبهًا إلى أنه لا يصح القول للأبناء المدخنين: افعلوا ما تريدون أو دخنوا أمامي أو من ورائي، بل يجب التأكيد لهم أن التدخين برمته غير مرغوب ويعاكس إرادة الأب.