كل شعوب الأرض تعشق البطولة، وتعانق بإجلال النخبة الطليعة، التي آثرت سلامة المجتمع على سلامتهم الشخصية، فضحوا بحياتهم من أجل أوطانهم.
أما على أرض فلسطين فللبطولة معانٍ جديدة تنسجم وحالة الاقتلاع من الأرض وشطب الهوية، فإذا البطولة هي الوجود الفلسطيني نفسه، ومواصلة الصمود في وجه المستوطنين الحريصين على تفريغ الأرض من أصحابها، والسيطرة على مفاصلها.
وللبطولة في فلسطين معاني الشهامة والشجاعة، حين تخرج صبية فلسطينية بضفيرتها الصغيرة على دبابات الاحتلال، لتواجه جحافل الغزاة بالحجر والصرخة المدوية.
وللبطولة في فلسطين معاني الإرادة، حين يتحدى السجناء الفلسطينيون جلادهم، ويقاتلون من خلف الأسوار، وهم يخوضون بأمعائهم الخاوية حرباً لعدة أشهر بكل إباء.
وللبطولة في فلسطين معاني الإصرار والعناد الذي لا يقهر، حين يقاوم الشباب الفلسطيني أقوى جيوش المنطقة بأدوات قتالية بسيطة، إنها السكين في مواجهة بندقية أم 16.
وللبطولة في فلسطين فرع غزة معاني الندية؛ حين يصنع المقاوم الفلسطيني سلاحه من أديم الأرض ويطور من قدراته القتالية، ليواجه بها أعتى آلة حرب، مزودة بأحدث المعدات التكنولوجية فإذا بالضعيف المحاصر في غزة يقصف محاصره في تل أبيب بالصواريخ.
وللبطولة في فلسطين فرع الضفة الغربية معاني المجد والخلود حين يخرج شاب فلسطيني لم يتجاوز العشرين عاماً، يفتش عن فريسته وسط الجنود الصهاينة، يكمن ويراقب ويتوثب قبل أن يقفز كالنمر على الجندي الإسرائيلي المدجج بالسلاح، والذي يقوم بمهمة حراسة المستوطنات، وحراسة الطرقات، هذا هو الصيد الصعب، فكيف استطاع أشرف نعالوة، وعمر أبو ليلى وصالح البرغوثي واحمد نصر جرار، وباسل الأعرج، كيف استطاع هؤلاء الفتية أن يجعلوا من الجنود الصهاينة وجبة بطولتهم، ليرسموا بتضحياتهم معالم مرحلة جديدة من الإبداع المقاوم.
والبطولة في فلسطين نقطة التقاء كل الأحزاب والتنظيمات والقوى السياسية، وذليل من وجهة نظر الشعب الفلسطيني كل تنظيم أو حزب لا يقدس المقاومة، فالبطولة نقطة تجميع في الوقت الذي كانت فيه الخلافات السياسية نقطة تفريق.
والبطولة في فلسطين دمعة امرأة، قالت لابنها: الله معك، دير بالك على حالك، قلبي يرعاك، أخاف عليك يا ولدي، ولكنني أخاف على شرف هذه الأمة أكثر، قلبي معك، فلا ترجع ذليلاً مهزوماً، عد إلي محمولاً على الأكتاف ولا تعد إلي مرتعباً تختبئ من الصهاينة تحت اللحاف.
وللأبطال في فلسطين مكانة الملائكة، فهم الذين زنروا الأرض بورد العطاء، وهم الذين زينوا السماء بأكاليل الوفاء، وهم الذين تنزهوا عن عرض الدنيا، وصانوا الرجاء، فارتقوا بعد أن نثروا بين يدي شعبنا حناء المحبة، وهم يغلقون بأيديهم بوابة الدنيا، ويفتحون بصدورهم المطرزة بالرصاص بوابة الخلود.
ستظل فلسطين خزان البطولة، ومصنع الشهداء طالما ظل هذا الكيان الصهيوني قائماً على شبر واحد من أرض فلسطين العربية.