فلسطين أون لاين

مسيرة العودة.. تأثيراتها على المستوى الدولي إعلاميًّا وسياسيًّا

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

أكد مراقبون فلسطينيون أن مسيرة العودة وكسر الحصار أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية، وأوصوا بضرورة الحفاظ على سلمية المسيرة، وتدعيمها بوسائل إبداعية جديدة.

وشدد هؤلاء على ضرورة التركيز على القضايا والجوانب الإنسانية في المسيرة وصولا للإعلام الدولي، والتركيز على الفنون الصحفية، وإشراك وسائل الإعلام الرسمية والسفارات الفلسطينية في الخارج لنقل معاناة شعبنا وحقوقه العادلة.

جاء ذلك، خلال ندوة حوارية نظمها قسم الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة، أمس، تحت عنوان "مسيرة العودة بعد عام.. تأثيراتها على المستوى الدولي إعلاميا وسياسيا"، بمشاركة شخصيات فلسطينية في الداخل والخارج.

ابتكار جديد

وعدّ رئيس مجلس العلاقات الدولية د. باسم نعيم، مسيرة العودة نموذجا للمقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي، نتجت عنه حالة من التفاوض غير المباشر، حققت خلالها بعض الإنجازات حتى اللحظة.

وقال نعيم إن شعبنا ينتصر بمراكمة النقاط، وليس بالضربة القاضية، وإن حجم الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بحق المتظاهرين السلميين يؤثر على صورة الاحتلال التي حاول رسمها في العالم، ويظهر من خلال تراكم شواهد جديدة على أحداث المسيرة بأنها "دولة فاشية ودولة احتلال همجي تقتل الأطفال".

وأشار إلى أن الاحتلال يسيطر على وسائل إعلام دولية قديمة يقدم خلالها رواية كاذبة، وأن هناك وسائل إعلامية غربية تعيد صياغة الأخبار التي يرسلها مراسلوها من قطاع غزة حسب سياستها، فيما تقدم وسائل الإعلام الفلسطينية وغيرها من العربية روايتها بما تمتلك من أدوات.

ورأى نعيم أن الملف الإعلامي يحتاج إلى نهضة أمة من جديد، مشيرا إلى أن تركيا حاولت من خلال وكالة "الأناضول" منافسة الوسائل الدولية.

وذكر أن القائمين على مسيرة العودة قاموا بمحاولات عدة لاستضافة صحفيين أجانب ومرافقتهم، لتبني الرواية الحقيقية المجردة بمهنية وموضوعية، وتحققت بعض الإنجازات في ذلك وسيما أن كبرى الصحف الدولية غطت أحداث مسيرة العودة في 14 مايو/ أيار، وأرفقت بجانبها صورة نقل وافتتاح السفارة الأمريكية بالقدس المحتلة صورة جرائم الاحتلال في مسيرة العودة.

وأعرب رئيس مجلس العلاقات الدولية عن أمله بجيل فلسطيني جديد يحدث اختراقا عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي؛ لفضح جرائم الاحتلال وتأكيد الحقوق الفلسطينية.

الرأي الدولي

وقال رئيس منتدى التواصل الفلسطيني الأوروبي زاهر بيراوي: إن مسيرة العودة إبداع وتطور مهم في استخدام واحدة من أدوات المقاومة في الظرف الراهن، أعادت القضية لجذورها، لتثبت أن الشعب الفلسطيني حي وقادر على مواجهة التحديات.

وأضاف بيراوي الذي تحدث عبر "سكايب" خلال الندوة، أن الأثر البالغ الذي أحدثته المسيرة يجب إدراكه من خلال الحملة الإعلامية لوزارة خارجية الاحتلال، رغم عدم مساهمة السلطة وأدواتها الإعلامية في خدمة المسيرة والتي ذهبت أحيانا في محاولة النيل منها.

وانتقد مؤسسات السلطة التي أتاحت الفرصة للغرب لانتقاد المسيرة ووسمها بالحزبية وبالتالي لم تصل صرخة الفلسطينيين كرسالة واحدة للعالم، فضلا عن الضعف الإعلامي من جانب القائمين على المسيرة.

واستدرك بيرواي أن المسيرة ساهمت بقلب الصورة النمطية التي حاول الاحتلال بثها على مدار سنوات بأن غزة عبارة عن "ميليشيات مسلحة" إلى أن هناك مقاومة مشروعة بجميع الأشكال وحاضنة شعبية للمسيرة.

ورأى بيراوي أن سلمية المسيرة أربكت المنظومة الإعلامية للاحتلال، التي سرعان ما وضعت إستراتيجية لتشويه صورة المسيرة، مبينا أن التغطية الإعلامية الدولية لمسيرة العودة كانت منحازة للاحتلال في أغلبها أو معظمها وتتبنى غالبيتها مصطلحات الرواية الإسرائيلية بوصف المسيرة بـ "الاشتباكات".

وتابع أن "ذلك يعطي انطباعا أن المشاركين محاربون وشاركوا بالقتال ضد جيش الاحتلال"، موضحا أن الإعلام الغربي يصف "العنف الإسرائيلي ضد المتظاهرين بالرد، ويتناول موضوع تأثير الطائرات الورقية على الاحتلال، ويصف أعمال قتل المتظاهرين بأنها وسيلة للدفاع عن الحدود".

وأشار إلى أن التغطية الغربية لأحداث مسيرات العودة حتى 14 مايو/ أيار كانت كبيرة، ثم بدأت بالانخفاض، مشددا على ضرورة توحيد الجهد الإعلامي وأنسنة حالات الشهداء والجرحى لإبراز التعاطف الدولي معها.

من جهته، أكد نائب رئيس جمعة التضامن الفلسطيني البريطاني د. كامل حواش، على ضرورة التركيز على الوجه الإنساني لشهداء مسيرة العودة وإبراز قصصهم للرأي العام الدولي لكسب قدر أكبر من التعاطف معهم.

وأشار حواش إلى أن هناك وقفة سينظمها النشطاء الفلسطينيون في لندن أمام السفارة الإسرائيلية ببريطانيا بالإضافة لوقفات في عدة مدن بريطانية تضامنا مع الشعب الفلسطيني، وذلك في ذكرى النكبة الفلسطينية في 15 مايو/ أيار، كي تكون القضية الفلسطينية في صدارة القضايا الدولية.

آلة إعلامية

وقال أستاذ الإعلام في قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الإسلامية د. أمين وافي: إن شعبنا عودنا على الابتكار، وهذا الابتكار هو ما يجلب اهتمام الصحفيين والإعلامين، كما حدث بالانتفاضتين الفلسطينيتين السابقتين اللتين كسرتا صورة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

وأوضح وافي أن الإعلام الفلسطيني يتعامل مع آلة إعلامية دولية ضخمة، لكن النقطة الجوهرية أننا أصحاب حق، وأن كل ما يصدر عن مسيرة العودة من صور ومقاطع فيديو تعد براهين ووثائق قانونية كفيلة بمحاسبة المجرمين من جنود الاحتلال.

واستعرض وسائل الإعلام الدولية التي تعاملت مع رواية الاحتلال بوصف ما يحدث بـ"الاشتباكات" مثل صحيفة الغارديان البريطانية، وصحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية، وشبكة "BBC"، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام الدولية التي تعاملت مع مسيرة العودة بالجانب الإنساني شكل الاحتلال جبهة لمهاجمتها واتهامها بنشر الفكر المتطرف ووصفها بالعنصرية ومعاداة "السامية".

ولفت إلى أن الصورة الصحفية لعبت دورا على صعيد نقل أحداث المسيرة، وأن هناك أربعة مصورين صحفيين نالوا جوائز عالمية تركزت صورهم على أحداث المسيرة، وأن مجلة التايم الأمريكية وضعت في الصورة الرئيسية على صدر صفحتها الأولى في أحد أعدادها صورة عن المسيرة.

إلا أن وافي ذكر أن الإعلام الفلسطيني رغم أنه يتصف بغزارة التغطية إلا أنه تعامل مع المسيرة بصفة "موسمية"، لا تتم وفق خطة باستمرار.