فلسطين أون لاين

لماذا ابتلعت (إسرائيل) صاروخ تل أبيب؟

ما زالت حقيقة الصاروخ الذي انطلق من غزة باتجاه تل أبيب ليلة الجمعة غير واضحة للجميع، باستثناء تسريبات هنا، وتخمينات هناك، وتقديرات هنالك، الأمر الذي يجعلنا نقفز عن حقيقة ما حدث، إلى نتيجة ما حدث.

حمل صاروخ تل أبيب، جملة كبيرة من الدلالات والاعتبارات الأمنية والعسكرية والسياسية، لعل أهمها:

  • أمنياً: حقيقة ما أعلنته إسرائيل أنها لم تعلم عن توجهات لدى المنظمات الفلسطينية بإطلاق هذا الصاروخ، على اعتبار أن العادة جرت بأن تحصل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على معلومات مسبقة بوجود نوايا فلسطينية للقيام بإطلاق قذائف صاروخية باتجاه التجمعات الاستيطانية الإسرائيلية، سواء من خلال التنصت على اتصالات المقاومة، ووسائل أخرى.
  • عسكريا: هي المرة الأولى التي تستهدف تل أبيب بصواريخ فلسطينية منطلقة من غزة منذ انتهاء حرب غزة الأخيرة، التي شهدت إمطار المدينة وضواحيها بزخات متفرقة من الصواريخ، وهي سابقة لافتة.
  • سياسيا: تزامن هذا الحدث قبل أقل من مرور شهر على الاستحقاق الانتخابي الإسرائيلي، الأمر الذي قد يلقي بظلاله على توجهات الناخب الإسرائيلي يوم التاسع من أبريل، وهنا يظهر مدى نجاعة التوظيف السياسي للأداة العسكرية، من عدمه.

جاء رد الفعل الإسرائيلي على صاروخ تل أبيب أقل من المتوقع، في ظل الحملة الإعلامية الإسرائيلية التي أعقبت سقوطه، وحديث مختلف الأوساط الإسرائيلية، الأمنية والعسكرية، أننا سنكون أمام ليلة طويلة في غزة، بل إن البعض توقع أن تحصل مواجهة عسكرية قصيرة بين إسرائيل والمقاومة قد تمتد أكثر من يوم واحد، شبيهة بما شهده شهر نوفمبر الماضي عقب اكتشاف القوة الإسرائيلية الخاصة في خان يونس.

لكن الرد العملي الإسرائيلي على صاروخ تل أبيب، تمثل بقصف مائة هدف موزع على كامل أرجاء القطاع، وهو تكرار لأسلوب قديم جديد في الرد على صواريخ كانت تسقط على غلاف غزة، مع زيادة عدد الهجمات، لكنها بقيت في ذات النوعية، يعني "زاد كم الهجمات، وبقي نوعها على حاله"، الأمر الذي يفتح سلسلة طويلة من الأسئلة بدون إجابات، عن السبب في هذا الرد المنضبط نسبياً.

تكاد تتفق القراءات الفلسطينية والإسرائيلية على أن الاستحقاق الانتخابي الإسرائيلي هو الذي دفع تل أبيب إلى كبح جماح عدوانها، ولو كان الأمر ليس متعلقا بيوم الاقتراع، فربما رأينا رداً آخر، لأن الحديث يدور عن تل أبيب، وليس سديروت أو حتى بئر السبع، الأمر الذي يجعلها ليست متشجعة لخوض مواجهة طويلة الأمد ستكون قاسية على الجانبين، وربما يتطلب قراءة أكثر وعياً لتبعات مثل هذا التطور العسكري الحساس والحرج في الآن نفسه، كي لا تأتي النتائج بعكس المأمول منها!