فلسطين أون لاين

​لا تيأسوا من روح الله



أظهرت الدراسات العلمية الحديثة أن التفاؤل مفيد لصحة الإنسان النفسية والجسدية، يسعدُ النفس، ويشرحُ الصدر، ويوسعُ مداخل الفكر، ويشدُّ العزيمة، لأن الأمل والتفاؤل يعني التوكل على الله، وعقد عزم الأمور معه، وإنك إذا أحسنت الظن بالله فستجد لطفه يغشاك، فتتيسر أمورك، وتحل مشاكلك، ففي الحديث القدسي الشريف يقول الله تعالى عن نفسه: "أنا عند ظن عبدي بي".

وفي كتابه المقدس جلّ جلاله يقول: {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَاْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} سورة يوسف: 87، فكأنه يخبرنا بأن اليأس والتشاؤم كفر، وقد شبه الكفر في آيات أخر بالمرض، لأن الإسلام هو الفطرة الطبيعية للإنسان السليم؛ ففي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة"، والفطرة هنا يقصد بها الإسلام، {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} سورة الروم: 30، فالنظرة الإيجابية من صفات الإنسان السليم، والنظرة السلبية يختص بها الكافرون.

وكما ذكرنا بأن التفاؤل يحسن من صحة الإنسان، ففي المقابل إن التشاؤم والقلق والتوتر يجلب لك الأمراض ويمدك في التعاسة أكثر، والنظرة الإيجابية في الحياة ما هي إلا دلالة على سلامة الصدر ونقاء القلب، وهذا يجعل الإنسان قويًا قادرًا على مواجهة مصاعب الحياة، وفي مقولة لروبرت شولر -كاتب في التنمية البشرية- "إن الأوقات العصبية لا تستمر إلى الأبد، لكن الأقوياء يستمرون".

ثم إن الأمل والتفاؤل لا يعني التخيلات الوهمية وأحلام اليقظة والابتعاد عن النظرة الواقعية، "فكل شيء إذا زاد عن حده انقلب ضده"، فالإفراط في تناول مسكنات الألم يصبك بأمراض جديدة، وزيادة التفاؤل سيوقعك في مشكلات أنت في غنًى عنها؛ فحتى في تفاؤلك طبق معنى قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} الإسراء: 29.

ختامًا تذكر بأن كل ظلمة يقابلها نور، وكل ضعف يقابله قوة، وكل خريف يقابله ربيع، وكل مطر له غيمة، وكل نجاح له فشل، فاقبل بهزيمتك وفشلك حتى تتمكن من النجاح في مرات لاحقة، وتقبُل الفشل يعني المعالجة لا الاستسلام، أي دراسة مواطن القصور لتجنبها مستقبلًا.