فلسطين أون لاين

​"بيان" تمنح مرضاها الأمل الذي فقدته

...
غزة- هدى الدلو:

بغض النظر عن مرضها الذي اكتشفته فجأة أرادت أن تكون الأقرب إلى المرضى أمثالها، وإلى مرضها في الوقت ذاته لكونها تجهل تفاصيله، ولكنها تعيش وجعه وآلامه في كل تفاصيل حياتها، فالتحقت بكلية التمريض، وها هي اليوم تصارع بين إكمال دراستها ومرضها الذي أدى إلى تدهور صحتها.

بيان أبو عنزة (21 عامًا) من بلدة عبسان شرقي خان يونس، قالت: "سأعمل بكل قوتي لإكمال دراستي لأقهر مرضي، وأصبح ممرضة قادرة على زرع الأمل في قلوب المرضى، رغم عدم وجود بصيص أمل في علاجي والتخلص من وجعي".

في عامها الخامس عشر كانت تلعب وتمارس الرياضة بكل حيوية في حصة التربية الرياضية، لتقع أرضًا مغمى عليها، نقلت إلى المستشفى، ولخطورة حالتها أصدرت تحويلة طبية إلى مستشفى المقاصد مباشرة، فأجرى الأطباء هناك قسطرة قلبية لمعرفة المشكلة التي تعانيها، ولم يتمكنوا من معرفتها إلا عند إجراء عملية قلب مفتوح ليكتشفوا إصابتها بعيب خلقي منذ ولادتها في القلب، حيث يوجد وصلة شريانية بين الشريان الأبهر والشريان الرئوي ترسل الدم إلى الرئتين.

وأضافت أبو عنزة: "فهذه الوصلة سبب في تجمع الماء في الرئتين، وارتفاع الضغط الشرياني الرئوي، فلن يتمكنوا من إغلاق الوصلة إلا في حال انخفض الضغط، ومحاولاتهم لخفضه باءت بالفشل، ما زاد من سوء وضعي الصحي".

عادت إلى غزة دون حل مشكلتها، وكتب لها الأطباء عدة أدوية، وأقنعوها بأنها ستتمكن من ممارسة حياتها دون مشاكل بالالتزام بالأدوية التي ستعمل على تقوية قلبها، تابعت: "لكن -يا للأسف!- لم أستفد من العلاج، فكنت أختلق الحجج في أثناء وجودي مع صديقاتي من أجل أن أحظى بقسط من الراحة بالطريق".

كبرت أبو عنزة ووعيت أنه لابد من إنهاء وجعها، وبعد إنهاء الثانوية العامة التحقت بكلية التمريض، لتساعد نفسها وغيرها من المرضى، ومن أدنى مجهود تبذله تشعر بالتعب، ما يضطرها في بعض الأحيان إلى تأجيل دراستها.

وأكملت حديثها: "غرس الأطباء في مصر بذرة أمل في أنه يمكن إنهاء معاناتي بعد خفض ضغط الدم، ومدة شهرين لم يتمكنوا من خفضه، فعدتُ واليأس يتملكني بقوة"، فنفضت غباره عنها، وقررت التعامل مع وضعها وفق ما هو متاح لتكمل حياتها طبيعية.

وأشارت أبو عنزة إلى أنها تطوعت للعمل في أحد المستشفيات، لتكون قريبة من المرضى، وتمنحهم الأمل الذي فقدته وتهون عليهم وجعهم، وبالرغم من حالة الإحباط والكسر التي أصابتها من الأطباء كانت عندما تأتي وفود طبية المستشفى الذي تتطوع به تسألهم عن حالتها.

طلب منها الوفد الطبي إجراء فحوصات، وبناء على حالتها قرروا استصدار تحويلة طبية إلى مستشفى المقاصد بالقدس، وهناك أخبرت بأنها تحتاج لزراعة قلب ورئتين، لأن عملية إغلاق الوصلة الشريانية فيها مجازفة كبيرة بحياتها قد تؤدي إلى الوفاة.

الشابة أبو عنزة ستكمل طريقها التعليمي، وستتحرك بحرية مع صديقاتها، وتتمنى أن يتحسن وضع أهلها المادي، لتتمكن من إجراء عملية زراعة القلب والرئتين.