تتأرجح الرؤية الإسرائيلية لحل القضية الفلسطينية بين ضم الضفة الغربية، كما يطرح اليمين الإسرائيلي، وبين حكم ذاتي منقوص، دون التخلي عن الكتل الاستيطانية والقدس، ودون تواجد فلسطيني في منطقة غور الأردن، كما تطرح أحزاب اليسار.
وبين طرح اليمين الإسرائيلي وطرح اليسار يأتي الخيار الفلسطيني الوحيد، الذي عبر عنه السيد محمود عباس في لقائه قبل يومين مع وفد من حركة ميرتس الإسرائيلية الضعيفة والمعزولة والتي لا تتمتع بأكثر من خمسة مقاعد من أصل 120 مقعداً، حيث قال لهم: إن خيارنا الوحيد هو السلام مع الإسرائيليين، ولا خيار لنا آخر، بعيداً عن خيار السلام!!
خيار السلام هذا لا ينسجم مع طرح اليمين الإسرائيلي الجديد الذي يتزعمه نفتالي بينت، والذي يقول برنامجه الانتخابي: "إننا نعارض تسليم أرضنا وإقامة دولة فلسطينية في قلب أرض إسرائيل، نحن ننادي بالاستيطان في كل أرض إسرائيل، بما في ذلك يهودا والسامرة. القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل، وسنعمل على تجديد البناء داخل القدس الموحدة، وسنعمل من أجل البناء الحر، والذي سيمكننا من مضاعفة عدد السكان اليهود في المنطقة"، ورغم نية الحزب منح الجنسية الإسرائيلية لعشرات آلاف السكان العرب في منطقة C إلا أنه لن يتعامل مع سكان الضفة الغربية العرب بالتساوي مع اليهود فيما يتعلق بالبناء وحقوق الملكية، وسيدعم الحزب تطبيق القانون الإسرائيلي على المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية".
نترك اليمين المتطرف، ونذهب إلى أحزاب اليسار، التي يعول البعض على برامجها، ويتمنى أن يجد من خلالها حلاً للقضية الفلسطينية، إذ يرى حزب العمل أن الانفصال عن الفلسطينيين هو الحل، وقد وضع لذلك برنامجاً من ثلاث خطوات رئيسية لتسريع الانفصال، والتي سيطالب بها حزب العمل في أي اتفاق ائتلافي:
1ـ وقف البناء خارج الكتل الاستيطانية في يهودا والسامرة.
2ـ قانون إخلاء وتعويض للمستوطنين الذين يقيمون خارج الكتل الاستيطانية.
3ـ استفتاء عام في مسألة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والقرى المحيطة بالقدس.
ويرى حزب العمل أن حل القضية الفلسطينية لا يتم إلا من خلال ترتيب إقليمي واسع مع الدول العربية المعتدلة، والانفصال عن الفلسطينيين، وتحقيق دولة (إسرائيل) آمنة بأغلبية يهودية صلبة ودولة فلسطينية منزوعة السلاح إلى جانبها".
من وجهة نظري فإن التلاقي بين اليسار الإسرائيلي مع اليمين الإسرائيلي أكثر بكثير من التباين، فالقاسم المشترك بين اليمين واليسار يقوم على عدم قيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعدم إخلاء المستوطنان اليهودية، وعدم التخلي عن القدس ومحيطها، واعتماد الحل الإقليمي، وتجاهل وجود الشعب الفلسطيني فوق أرضه، واعتباره أقلية، كما تحدث بذلك نتنياهو الذي أهان الفلسطينيين حين قال: "للشعوب الأخرى، والقوميات الأخرى، والأقليات الأخرى - هناك تمثيل وطني في دول أخرى. التمثيل القومي للشعب اليهودي موجود في دولة (إسرائيل). (إسرائيل) هي الدولة القومية للشعب اليهودي وهي دولته الخاصة وحده".
بعد كل هذا الوضوح في الموقف الإسرائيلي، يبقى السؤال مطروحاً أولاً: على السلطة الفلسطينية، والتي لما تزل ترى بالمفاوضات طريقا للتعامل مع هذا الواقع المتغير، فإلى متى؟
وثانياً: للدول العربية التي يرتب الإسرائيليون لأنفسهم حلولاً من خلالها، وكأنهم جزء من السياق الإسرائيلي العام، فهل حقاً أن الدول العربية بلا إرادة، كما يظهر ذلك قادة (إسرائيل)؟
وقائع الأيام القادمة ستجيب عن هذه الأسئلة.