ما زال الحدث الفلسطيني في غزة يتصدر عناوين الأخبار في الصحافة الإسرائيلية ودواوين الانتخابات ومناظرات المرشحين، في ضوء تزاحم التصريحات حول مجريات الأحداث هناك.
لم يعد سرا أن الفلسطينيين عموما، وفي غزة خصوصا، ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء الانتخابات الإسرائيلية، ويعتقدون أن الشهر المتبقي منها ليس فيه نوايا لتقديم تسهيلات دراماتيكية لقطاع غزة الذي يعاني من أزمة اقتصادية، وإنما الاكتفاء بتسهيلات شكلية.
في أحسن الأحوال، يمكن أن تشكل هذه التسهيلات توفير تهدئة قصيرة الأمد من خلالها تستمر المظاهرات، لكن اليوم التالي للتاسع من نيسان قد يكون مناسبة جديدة لمصر لتحقيق تفاهمات لتهدئة أبعد مدى، وهذا يعني أن الفلسطينيين والإسرائيليين يريدون المحافظة على الأمر الواقع، فإسرائيل تريد طرفا يحكم غزة بعيدا عن الفوضى الأمنية، فيما الفلسطينيون يريدون تحسين الواقع الاقتصادي في غزة دون إزعاج.
لكن المشكلة التي تواجه الجانبين، غزة وإسرائيل، ومن يحكم فيهما معاً، أن الواقع الاقتصادي آخذ بالسوء أكثر فأكثر، وليس خفياً أنهما يسعيان لتحقيق تفاهمات ثنائية بوساطة مصرية قطرية أممية، شبيهة بما تم إنجازه في أكتوبر عبر المنحة القطرية، ولذلك قد يشكل الشهر المتبقي إلى حين الانتخابات فرصة ذهبية للفلسطينيين لإيجاد واقع جديد، ومصر تعزز ذلك، ربما جاء طلبها من حماس: امنحونا مزيدا من الصبر.
صحيح أن إسرائيل تريد الهدوء في غزة، لكن الأخيرة تريد لفت الأنظار عما يحصل فيها من تطورات، ولذلك تجد الأولى نفسها في حلقة مفرغة لا نهاية لها، في ضوء أن القطاع يشهد حالة من فقدان الصبر، وربما تشهد الأوضاع جولة جديدة صغيرة من المواجهة، أو تصعيدا محدودا لعدة أيام، لأن الفلسطينيين يعلمون أن إسرائيل معنية بالدرجة الأولى بموسم الانتخابات، ولا أحد فيها يريد أن يدخل رأسه في الوحل الغزاوي.
يبدو أننا أمام معضلة لا مخرج منها: إسرائيل لا تريد الذهاب لعملية عسكرية واسعة في غزة، على الأقل قبيل الانتخابات، وفي الوقت ذاته لا تستطيع تجاهل الواقع القائم فيها، هذا شرك ترى أنها وقعت فيه، ولأنها تعلم أن المرحلة حساسة جدا، فهي تخشى أن غزة من تحدد مواعيد التوتر، والأمر لم يعد بأيدي الإسرائيليين: هم يردون عليها، ولا يبادرون.
أخيراً..تعتقد أوساط متزايدة في إسرائيل أن الفلسطينيين بغزة يديرون التوتر فيها بمزيد من الحذر، كي يجبرونها على تقديم التنازلات، حتى لو خرجت لعملية عسكرية فستكون أول من يوقفها، لأن يدها ضاغطة على الزناد، وعينها على صندوق الاقتراع، فهل يكون ذلك في صالح غزة أم لا.. الأيام ستجيب!