انتشرت في الآونة الأخيرة الشبكات غير السلكية العامة في الشوارع والمقاهي التي تقدم خدمات الإنترنت، خاصة غير المعروفة المصدر، إذ أصبحت متاحة لجميع فئات المجتمع بالاشتراك فيها بأسعار رخيصة جدًّا.
لكن لم يدر بخلد هؤلاء المشتركين حجم المخاطر المُحدقة بهم، وبالبيانات المحفوظة، لاسيّما السرية منها، على حواسيبهم الشخصية، وهواتفهم المحمولة، لكونها أصبحت عُرضة للاختراق بسهولة من أصحاب تلك "الشبكة المجهولة".
صحيفة "فلسطين" تُسلط الضوء في هذا التقرير على أبرز المخاطر والتهديدات التي قد تلحق بمستخدمي شبكات الإنترنت المنتشرة في شوارع قطاع غزة، إضافة إلى بعض النصائح الواجب اتباعها عند استخدام هذه الشبكات.
ويحذر مختصان في شبكات الحاسوب وأمن المعلومات من استخدام هذه الشبكات، لكونها تجعل مستخدميها وبياناتهم عُرضة للسرقة، فضلًا عن إمكانية استغلالهم وابتزازهم إلكترونيًّا.
وتؤكد مهندسة البرمجيات مريم الأعور أن استخدام الشبكات العامة يجعل مالكيها قادرين على اختراق بيانات الحواسيب والهواتف المحمولة بسهولة، ومراقبة تحركات المستخدمين.
وتقول الأعور: "استخدام هذه الشبكات بمنزلة إعطاء إذن لأصحابها "مجهولي المصدر" للوصول إلى المعلومات الشخصية والاختراق".
وتوضح أن ما يزيد خطورة هذه الشبكات هو عدم إمكانية الوصول إلى أصحابها ومحاسبتهم حين ارتكابهم أي خطأ بحق المستخدم، على عكس شركات الإنترنت الموثوقة والمعروفة.
وتُضيف: "في حال وجد أي مُستخدم إنترنت إساءة من شركة معروفة يُمكنه تقديم شكوى ورفع قضايا في المحاكم ضدها، لكنّ هذا الأمر غير موجود في الشبكات العامة المنتشرة بالشوارع".
وتُبيّن أن ما يزيد الأمور صعوبة هو عدم وجود حماية قانونية لمستخدمي هذه الشبكات، منبهةً إلى أنه "من الممكن اختراق بيانات ومعلومات الحاسوب الشخصي للمستخدم من طريق (IP)".
وتلفت إلى وجود طرق اختراق كثيرة في الوقت الراهن، خاصة مع تطور التكنولوجيا واتساع رقعة مستخدمي الشبكات العنكبوتية، مستدركةً: "في المقابل هناك طرق حماية يُمكن للمستخدمين استخدامها لحمايتهم من أي اختراق محتمل".
وتتمثل طرق الحماية -والكلام للأعور- في استخدام ما يُعرف بلغة "الخوارزميات"، واستعمال كلمات سر معقدة تتضمن رموزًا وحروفًا وأرقامًا مختلفة يصعُب اختراقها.
في جانب آخر، يتعلق بمدى تأثير هذه الشبكات على سلوكيات وأخلاقيات الأبناء نتيجة غياب الرقابة من أولياء الأمور، تُجيب الباحثة في أمن المعلومات: "قد تُشكّل بعض الخطر، لكن بنسب قليلة".
وتُرجع أسباب قلة المخاطر لوجود بعض الضوابط التكنولوجيا التي فرضتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على شبكات الإنترنت في قطاع غزة عامة.
ولم تُخفِ إمكانية إيقاع مستخدمي هذه الشبكات في وحل العمالة والابتزاز الإلكتروني، لاسيّما أن الاحتلال يُسخر كل إمكانات التكنولوجيا الحديثة في إسقاط العملاء.
وتختم حديثها برسالة تحذيرية لجميع شرائح المجتمع -وخاصة الشباب والفتيات- من الاتصال بشبكات إنترنت مجهولة المصدر، حفاظًا على معلوماتهم وبياناتهم السرية.
ويتفق مع ذلك الباحث في أمن المعلومات محمد أبو كميل، الذي يُؤكد أن استخدام هذه الشبكات يتسبب بانتهاك خصوصية الأجهزة المتصلة بها، ورصد تحركاتها.
ويوضح أبو كميل أن الأمر قد يصل بأصحاب هذه الشبكات إلى تتبع المواقع الإلكترونية التي يتصفحها المستخدم، وهو ما عده من أكبر المخاطر والتهديدات التي تواجه هؤلاء المستخدمين.
ويؤكد أن استخدام هذه الشبكات قد يكون سببًا في تمرير ثغرات اختراق أخرى، تؤدي إلى انتهاك خصوصية المستخدم، عادًّا الشبكات المجهولة "بيئة مناسبة لتمرير ثغرات السرقة والاختراق".
ويُقدم نصيحة مهمة لمستخدمي هذه الشبكات قائلًا: "إذا كان الشخص مُضطرًا إلى التعامل معها؛ يجب عليه أن يكون على دراية كبيرة بكيفية حماية حساباته، وعدم مشاركة أي بيانات خاصة به، إضافة إلى ضبط الخصوصية والصلاحية على جهازه الشخصي".