لا نختلف أن الدعوة الدولية إلى تخصيص الثامن من آذار (مارس) يومًا عالميًّا للمرأة تُعَد انتصارًا كبيرًا لها في أنحاء العالم، وخاصة المرأة الغربية، إذ بدأ الاحتفال به أولًا في الاتحاد السوفييتي، ثم خلال مؤتمر كوبنهاجن 1910م، ثم تبنته الأمم المتحدة في السبعينيات.
إن ما لاقته المرأة الغربية مع بدء الإمبراطورية الرومانية، مرورًا بعصور الظلام حينما جعلتها الكنيسة روحًا شريرة، وليس انتهاءً بالمتاجرة بها وعدّها جزءًا من المتاع، كان دافعًا مهمًّا إلى انتفاضة المرأة على هذا الواقع المهين لها، خصوصًا بالتزامن مع ركب الثورة الفرنسية.
لكنه ردةَ فعلٍ على كل ما عاشته المرأة في أوروبا، بدلًا من الحديث عن حقوق طبيعية وواقعية للمرأة، أصبح السائد في المجتمعات الغربية -ومن بعدها المنابر الدولية- هو الغلو، إلى درجة اتهام كل من يخالف شأنًا من شئون النساء أو يناقشه بـ"اللانسائية" (على وزن "اللاسامية")، ونادى رجال كثير بحقوق للمرأة لم تنادِ بها هي نفسها، درءًا لما بات "شبهة"، ونفاقًا ومداهنةً للجنس اللطيف.
لكن المزعج في كثير من تفاصيل هذا اليوم هو أن التركيز ينصبّ على وضع المرأة في المجتمعات الشرقية والإسلامية، ومحاولة إظهارها كما لو كانت تعيش في عصر الكنيسة الأوروبي، مع أن الإسلام أعطى المرأة هذه الحقوق قبل أن يتحدث عنها العالم في محافله الدولية ويقر لها يومًا.
ومن الإنصاف القول: إن هذه المشكلة الغربية ساعدها حال المرأة في المجتمعات العربية، حيث غيبت هذه المجتمعات ما أعزّ الله به المرأة، بحجة العادات والتقاليد، وطبقت عليها أحكامًا عرفيةً تهضم حقها، وتجعلها عالةً وعيبًا.
أمرٌ آخر من الواجب مناقشته هنا، وهو المناداة بالمساواة بين الذكر والأنثى، وهذا هو المبدأ الذي قام عليه يوم المرأة العالمي، وهذا كان مدخلًا أساسًا لرميِ الإسلام بما ليس فيه، أنه أعطى الرجل حقوقًا ليس للمرأة مثلها، وهذا ما نسميه في الإسلام عدلًا؛ فكل ذي لُبٍ يعي أن المساواة بين طرفين في أي أمر لا تكون دائمًا صحيحة، إن لم تكن دائمًا غير منصفة لأحدهما، ولكن الإسلام قسم الأمر بين الجنسين بالعدل لا المساواة، وجعل الحقوق مساوية للتكاليف، وهذا الأمر بات مفهومًا حتى لدى من ينادون بالمساواة، لكنهم يخشون أن يوصفوا بمعاداة النِسوية.