فلسطين أون لاين

​الدراسات العليا أم المهارات والخبرات العملية للحصول على وظيفة؟

...
إكمال الدراسات العليا ليس وسيلة للحصول على وظيفة
غزة/ هدى الدلو:

بعد الانتهاء من السنوات الدراسية الجامعية، يعكف أغلب الخريجين على البحث عن فرصة عمل تناسب تخصصاتهم الدراسية واكتساب خبرات عملية، بدلًا من إنفاق مزيد من المال على التعليم، في حين يختصر بعض الطريق والوقوف في طابور البطالة، ويختار طريق إكمال التعليم والحصول على الدراسات العليا كالماجستير والدكتوراة، معتقدًا أنها ستميزه من غيره، وتفتح له الأبواب نحو وظيفة معتبرة، ولكن يعتمد ذلك على ظروف الخريج ووضعه المادي، فهل الدراسات العليا بوابة للحصول على وظيفة؟

الثلاثينية أمل إرحيم -وهي طالبة ماجستير على وشك التخرج- ترى أن إكمال الدراسات العليا ليس وسيلة للحصول على وظيفة، إلا إذا تمكن الطالب من الحصول على شهادة الدكتوراة في تخصصه.

وقالت إرحيم لـ"فلسطين": "إن الحصول على درجة الماجستير في بلدنا لا يخدم الوظيفة، بل بعض الوظائف تطلب الدبلوم لدفع راتب أقل"، معتقدة أن الماجستير لا يزيد من الخبرة الوظيفية مقارنة بالبكالوريوس، بقدر ما يزيد من سعة الاطلاع، ويخوض في التخصص أعمق.

وأشارت إلى أن بعض من يملكون وظيفة يسعون نحو الدراسات العليا طلبًا للترقيات، رغم أن آلافًا من خريجي الماجستير لا يعملون، وبعض حملة الدكتوراة يعملون بنظام الساعات، ولم يحصلوا على وظيفة ثابتة، ولكن في النهاية الأمر موقوف على نوعية التخصص، فبعض التخصصات تعاني فقرًا في الدراسات العليا.

وأضافت إرحيم: "البطالة زادت نسبتها بين حملة الشهادات العليا، لاسيما فئة النساء، والملاحظ أن هناك إقبالًا من الإناث على الدراسات العليا لتفرغهن، وعدم وجود وظيفة، لذا يلجأن إلى تعبئة الفراغ بالدراسة".

الخبرة العملية

وقال الشاب طارق خالد صبح (24 عامًا) الحاصل على بكالوريوس في علم النفس: "إن الخبرة العملية هي البوابة الأوسع للحصول على فرصة عمل، وخصوصًا على المدى القريب، أما أصحاب الدراسات العليا فمع الحصار، وندرة فرص العمل في القطاع، وزيادة عدد الحاصلين على شهادات عليا أضحت فرص حصولهم على عمل قليلة، وباتوا عبئًا على المجتمع.

وأوضح صبح لـ"فلسطين" أن حامل شهادات الدراسات العليا لن يجد وظيفة تناسب تحصيله العلمي وطموحه، وبذلك سيحصل على وظيفة كأي خريج من حملة شهادة البكالوريوس، ما يدفعه إلى التخلي عن حلمه، أو يكون ضمن طابور العاطلين عن العمل.

ونبه صبح إلى أنه إذا لم تدخل الوساطة في الأمر فإن الخبرة والمهارة هما المقياس الأول في الحصول على وظيفة، خصوصًا العمل الحر، فهو تجاوز حدود المكان، وأصبح بالإمكان العمل مع أي شركة في العالم، إذا كان الشخص يمتلك مهارات عالية.

مفر من الأزمات

ووافقته في الرأي الشابة نرمين اسبيتان (30 عامًا)، التي حصلت على درجة الدكتوراة أخيرًا، ولا تمتلك عملًا، وقالت لـ"فلسطين": "في الوضع السائد، مع الحصار المفروض على قطاع غزة، والأزمات التي تعانيها الجامعات، لم تعد الدراسات العليا وسيلة للحصول على وظيفة".

وتابعت حديثها: "لجأت إلى ستكمال الدراسة بعد البكالوريوس، لأن في هذا الوقت الضائع ليس هناك أمامي سوى الدراسة بدلًا من الموت قهرًا وحسرة لعدم وجود وظائف، وارتفاع نسبة البطالة، فعملتُ على تطوير ذاتي".

وعدت اسبيتان الحصول على شهادات الدراسات العليا ميزة على المستوى الاجتماعي، لكن على مستوى الوظائف والترقيات أصبح لا محل لها من الإعراب، خاصة مع زيادة أعداد حامليها.

وبينت أنه مع ذلك هناك إقبال على برامج الدراسات العليا، لكون الشهادة هي المفر من الوضع الحالي، وسلاحًا للمستقبل.

عنصر أساسي

وعارضهم الشاب يوسف الهندي، إذ يرى أن حاملي شهادات الدراسات العليا يمتلكون مميزات عن غيرهم، ولكن ليس في جميع التخصصات، قال: "إن أغلب المراحل العلمية في غزة أصبحت على الهامش، مع انعدام المصادر المالية وشحها في المؤسسات الحكومية".

وأضاف: "مقارنة بدول أخرى الشهادات العليا عنصر أساسي للتوظيف".

وأكمل الهندي حديثه: "لكن -يا للأسف!- تدخل عندنا الوساطة، التي جعلت حلم أصحاب الشهادات العليا في مهب الريح، وكأنهم قد حرموا أنفسهم وعائلاتهم المال والوقت لأجل لا شيء".

ومن جهتها بينت اختصاصية التنمية البشرية د. مي نايف أن بعضًا يتجه للدراسات العليا لكونها قد تسهل عليهم الحصول على وظيفة لها مكانتها، لافتة إلى أنها تمنح صاحبها ميزة اجتماعية ومكانة من باب التفاخر فتعود فائدتها على والديه، ولكنها لن توفر له فرصة عمل.

وذكرت نايف لـ"فلسطين" أن ذلك يرجع إلى مدى احتياج سوق العمل لمجالات الدراسات العليا، وإلا فإنها ستكون عبئًا، ولكن في نهاية الأمر المهارات التي يمتلكها الشخص هي من تتحكم في الحصول على الوظيفة.

وأوضحت أن الوظائف الحكومية قد لا تلبي طموحات أصحاب الدراسات العليا، فلابد من البحث عن البدائل في قطاعات أخرى ليستفيدوا من درجتهم العلمية، أيضًا تكون شيئًا مميزًا في سيرة صاحبها الذاتية.

ونبهت إلى أنه يمكن له أن يستفيد من شهادات الدراسات العليا أحيانًا في الحصول على ترقيات إلى درجات وظيفية عليا، لكن لابد من إعادة صياغة مفهوم العمل المهني الذي يحتاج إلى مهارات أكثر من تكديس الشهادات.

وختمت د. نايف حديثها: "في حال لم تسمح الشهادات التي يمتلكها الشخص بالحصول على وظيفة لابد من الالتحاق بدراسات عليا، فاكتساب هذه الشهادة قد يعزز من المهارات أمام أصحاب العمل".