في أحد أيام فصل الصيف من العام الماضي، كنت متوجهًا إلى المسجد الموجود في الحارة التي أسكن بها لأداء صلاة المغرب، وفي طريقي مررت بمجموعة من الأطفال في المرحلة الإعدادية كانوا مجتمعين مع بعضهم البعض وهم يحملون أجهزة الجوال الخاصة بهم، فلم آبه لهم وأكملت طريقي نحو المسجد، فقمت بأداء صلاة المغرب ومكثت في المسجد إلى ما بعد الفراغ من أداء صلاة العشاء.
عدت بعدها قافلًا إلى منزلي وبرفقتي أحد أصدقائي، فتفاجأت بنفس الأطفال وهم على نفس الحالة التي رأيتهم عليها قبيل صلاة المغرب، فشعرت بريبة اتجاه أولئك الفتية، وبدا عليَّ الاستغراب من هذا المشهد فبادرني صديقي بالسؤال عن سبب دهشتي واستغرابي، فوضحت له السبب من وراء ذلك، فكان الرد الذي لم أكن أتوقعه بأن أولئك الفتية يقفون بالقرب من أحد أعمدة الإنارة التي يوجد عليها وحدة شبكة لاسلكية عامة Public Wi-Fi Networks الموزعة لخدمة الإنترنت لمدة 24 ساعة بشيقل واحد فقط!
أول ما تبادر إلى ذهني في تلك اللحظة المخاطر المحدقة بأولئك الأطفال الذين يصولون ويجولون في غياهب الإنترنت مع غياب الرقابة والتوجيه من قِبل أولياء أمورهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى الخطورة البالغة التي تُمثلها تلك الشبكات العامة على مستخدميها، فهناك ضحايا بالآلاف وحوادث اختراق كثيرة تحدث دائمًا في مثل هذه الشبكات خصوصًا غير الرسمية منها، في الوقت الذي يُمكن أن يكون فيه أحد المخترقين Crackers موجودًا بالجوار ومعه جهاز قادر على الاتصال بالشبكة اللاسلكية، فيقوم بتنفيذ هجمات على جميع الأجهزة المتصلة بتلك الشبكة ومن ثم الوصول إلى المعلومات المخزنة فيها وسرقتها.
بدراسة متأنية وبنظرة فاحصة للمشهد السابق سنجد أن أولئك الأطفال قد يتعرضون لتهديدين خطيرين نتيجة استخدامهم تلك الشبكات اللاسلكية، أولهما الانحراف السلوكي والقيمي والأخلاقي نتيجة غياب الوازع الديني الداخلي إلى جانب غياب الرقابة الخارجية، وثاني هذه التهديدات هو سرقة البيانات والمعلومات الموجودة في الأجهزة التي يتصلون بواسطتها بتلك الشبكات على اختلاف أنواعها –سواء أكانت جهاز حاسوب Computer أو جهاز جوال Mobile أو غيرها من الأجهزة الأخرى-، حيث سنقوم خلال المقال القادم بإذن الله تعالى توضيح مآلات وآثار الاستخدام الخطأ لتلك الشبكات.