يمر المسجد الأقصى بأصعب أحواله منذ سنوات، بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي غير المسبوقة والاقتحامات المتكررة التي تنغص قدسية وطهارة المكان.
في المقابل يشكل أهل القدس درعًا واقيًا للدفاع عن الأقصى بشتى الوسائل، فهم لا يدخرون جهدًا في البحث عن طرقٍ يمكن أن تعزز مكانة الأقصى في قلوب محبيه وتساهم في التصدي للمخططات والمخاطر التي تحيط به من كل جانب.
إحدى تلك الوسائل كانت لعبة افتراضية ثلاثية الأبعاد سُميت بـ"حارس الأقصى" أطلقتها جمعية برج اللقلق المجتمعي في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، والتي يُمكن تحميلها عبر الهواتف الذكية أو الأجهزة الإلكترونية للتعريف بمدينتهم المقدسة.
اللعبة صنعت بأيدٍ وعقول فلسطينية مبدعة، لحماية الأقصى المبارك، وللحفاظ على مكانته الإسلامية وأصالته، ولمواجهة محاولات تهويده الدائمة.
وباتت ملاذًا لمحبي الألعاب لتحفيزهم على التعرف على المدينة المقدسة ومسجدها من أجل الدفاع عنه بقوة، وصولًا لآخر مراحلها وهي تحريره من سطوة الاحتلال بالكامل.
لعبة عالمية
مدير جمعية برج اللقلق منتصر ادكيدك أكد لـ"فلسطين" أن الهدف من اللعبة إبقاء المسجد الأقصى على رأس أولويات المسلمين والعرب، وتحفيزهم للتعرف عليه من خلال أسئلة تعليمية وتثقيفية عن المسجد الأقصى ومعالمه.
وبيّن ادكيدك أنهم استطاعوا مماثلة الكثير من الألعاب التي تطرح في السوق، خاصة أن "حارس الأقصى" يتعرف من خلالها اللاعب على المسجد الأقصى المبارك بطريقة الجولة الافتراضية ثلاثية الأبعاد (3D).
وترتكز اللعبة على أربع مراحل يبدأها اللاعب بزائر من ثم الحارس والسادن والمرشد، وتنتهي بالحصول على مفتاح باب المغاربة، ليتمكن بعدها اللاعب من تحرير المسجد الأقصى المبارك.
وبحسب ادكيدك يمر اللاعب بـ (250) سؤال يتعرف من خلالها بالتفصيل على معالم المسجد الأقصى وما حولها، كرسالة أنه بالعلم والمعرفة تمكنت من تحرير الأقصى.
الوقت المناسب
ومن اللافت أن وقت إطلاق اللعبة لم يأتِ اعتباطًا، بل تزامن وفق ادكيدك مع الأزمات العربية والعالمية وحملات التطبيع غير المسبوقة لتؤكد أن المسجد الأقصى المبارك على سلم الأولويات، ويجب القتال من أجلها بكل الوسائل حفاظًا على هُويتها العربية.
ويقول: "المرابطون وحراس الأقصى المدافعون الوحيدون عنه في هذه الأوقات، فجاءت اللعبة محاكاة لهذا الشخص الذي يفني حياته من أجل الأقصى".
وأشار ادكيدك إلى المصاعب التي واجهت فريق العمل والتي جلها كان في التصميم، وصعوبة إيجاد اشخاص ذوي مهارات عالية يحاكون الأقصى بكل تفاصيله، ويضعون الأسئلة التي تلبي الاحتجاج اللازم وتصوير التفاصيل الدقيقة، ما اضطرهم للاستعانة بشركات خارجية لتجاوز هذه المشكلة.
الإقبال المفاجئ
تفاجأ دكيك كما القائمون على اللعبة من حجم المستخدمين اللذين يزدادون يوميًا ازديادًا لافتًا، حيث إن الإحصائيات أشارت إلى وجود 26500 مستخدم للعبة على نظام (الأندرويد)، و6500 عبر نظام (IOS).
عبير حسن من غزة أحد الأشخاص الذين خاضوا غمار اللعبة بعد أن تعرفت عليها من خلال صفحة على تطبيق (الانستغرام) تهتم بشؤون القدس، تقول: "قدمت لي معلومات كنت أجهلها عن المسجد الأقصى وكل ما يتعلق بما يحيطه، وعززت لدي شوق الزيارة للقدس وباحات الأقصى، خصوصًا وأن صوت المؤذن يضعك في قلب الحدث".
الجدير ذكره أن اللعبة التي شكلت نافذة لكثير من الممنوعين من زيارة الأقصى؛ خاصة وأنك تعيش من خلالها الأجواء داخل الحرم القدسي ممولة من مؤسسة "وقت القراءة" التركية.