يبدو أن قرار مجلس الأمن الأخير ضد الاستيطان قد زاد من شهية العدو للاستيطان، لدرجة يمكن القول معها إن حكومة العدو تضرب الحائط بقرار مجلس الأمن الأخير وتعمل ضده وعن تحدٍ للدول المشاركة في التصويت، ويكفي أن ندلل على ذلك بالحملة الاستيطانية واسعة النطاق التي أعلنت عنها الحكومة بعد قرار مجلس الأمن، حيث صادق وزير البناء والإسكان الإسرائيلي، يوآف جالانت, على مخطط لبناء 2086 وحدة استيطانية ستضاف لعدة مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة.
وبحسب المخطط، ستوزع الوحدات الاستيطانية على عدة مستوطنات بالضفة الغربية، في مستوطنة ‘آلفي منشه’ سيتم بناء 689 وحدة استيطانية، بينما في مستوطنة ‘آريه’ ستقام 630 وحدة، وفي مستوطنة ‘بيتار عيليت’ ستبنى 660 وحدة استيطانية، كما ستبنى 99 وحدة في مستوطنة ‘كرني شومرون’.
وجاء إعلان الوزير جالانت بعد ساعات من إنهاء قوات الأمن الإسرائيلية إخلاء مستوطنة ‘عمونا’ المقامة على أراضي بلدة سلواد قرب رام الله، وينسجم إعلان الوزير مع تصريحات رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو, الذي أكد بخطابه لمستوطني ‘عامونا’، بأنه بصدد الإعلان عن إقامة مستوطنة خاصة بهم عوضًا عن التي أخليت.
وتأتي مصادقة الوزير جالانت بعد أيام من مصادقة الحكومة الإسرائيلية على بناء أكثر من 66 آلاف وحدة استيطانية، ليصل مجموع ما صودق عليه منذ تولي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى أكثر من 8 آلاف وحدة استيطانية معظمها في الضفة الغربية المحتلة.
إن حكومة العدو تحاول استغلال الفرصة الكبيرة التي يوفرها الرئيس الأميركي الجديد بوصفه من مؤيدي الاستيطان، هذا من ناحية، وتحاول الاستفادة من ضعف السلطة الفلسطينية، التي تكاد تفشل في تحديد خياراتها في مواجهة الهجمة الاستيطانية من ناحية ثانية.
إن السؤال الذي يلاحقنا مع مشاريع الاستيطان المتتالية هو: ماذا بقي من الضفة الغربية لإقامة الدولة الفلسطينية المتصلة ذات السيادة؟! إنه إذا كانت الإيجابية بالسلب، وهي كذلك، نقول فما هي خيارات محمود عباس والسلطة في ضوء هذه الأزمة التي لا تحتمل، والتي هي نتاج مباشر لاتفاقية أوسلو الكارثة، التي ربما تتجاوز عند البعض هزيمة ١٩٦٧م؟!
الاستيطان غول، أو قل سرطان يتمدد في القدس وفي جميع أنحاء الضفة الغربية بحجج مختلفة، ولا تملك السلطة آلية عمل لإقالته أو تجميده، وقد فشل أوباما أيضًا من فعل ذلك، لذا يجدر بالسلطة أن تستفتي الشعب حول ما يجب عمله في هذه الظروف الصعبة جدًا.