فلسطين أون لاين

موقع غزة في تناقض رام الله وتل أبيب حول أموال المقاصة

يترقب الفلسطينيون تبعات القرار الإسرائيلي باستقطاع 140 مليون دولار من أموال المقاصة المرسلة للسلطة الفلسطينية، بسبب ما تقدمه للأسرى وعائلات الشهداء من مستحقات مالية، في ضوء التحذيرات الصادرة عن السلطة الفلسطينية بالعجز المتوقع عن سداد فواتير الرواتب والنفقات الدورية الخاصة بالحكومة.

يتزامن هذا القرار الإسرائيلي مع عقوبات صارمة تفرضها السلطة على القطاع، شملت كافة جوانبه، وتركت آثارها الكارثية على مختلف أوجه الحياة التي لم تعد قائمة فيه إلا من رتوش سطحية، مما يجعل أي تبعات جديدة للقرار الإسرائيلي على القطاع مثل إطلاق رصاصة الرحمة عليه.

لا يعرف أحد بعد، باستثناء قيادات لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة يقيمون في المقاطعة، كيف سيكون شكل تأثر غزة بالقرار الإسرائيلي، مع صدور تصريحات رسمية عن رئيس الحكومة المستقيل ووزير ماليته وعدد من أعضاء مركزية فتح واللجنة التنفيذية أن الأزمة قادمة لا محالة، دون أن يحددوا بالضبط أين ستكون معالم هذه الأزمة، وكأن لسان حالهم يقول: حوالينا ولا علينا.

سياسياً، ربما يفضل أبو مازن الرد على إسرائيل بجعل غزة تدفع الثمن الأكبر لقرارها، فيضرب عصفورين بحجر واحد: يساهم بالتضييق على حماس أكثر فأكثر من جهة، ومن جهة أخرى يتسبب بتوتير الأوضاع الأمنية بغزة، وفي هذه الحالة قد تضطر حماس لتنفيس هذا الاحتقان بالتصعيد تجاه إسرائيل.

هذا التدهور التدريجي في غزة تطور يسعى إليه عباس رغبة برؤية مشاهد لا يفضل أهل غزة رؤيتها بين ظهرانيهم، عبر اندلاع مواجهة عسكرية ضارية تأكل الأخضر واليابس، وتسفر في النهاية عن إيقاع ضربة كبيرة بحماس، تجعلها توافق على كل اشتراطات السلطة الفلسطينية لاستلام غزة.

لكن الموقف الإسرائيلي لا يبدو منسجما هذه المرة مع السلطة في تقييم الوضع القائم بغزة، فإسرائيل ذاتها التي وافقت على إدخال الأموال القطرية ليست معنية بأن يشهد الوضع المعيشي في القطاع مزيدا من التدهور والانهيار، لأنها، بعكس عباس، لا تريد الوصول مع حماس لحالة المواجهة الشاملة، على الأقل بهذه المرحلة، عشية الذهاب لصناديق الاقتراع.

تضارب المصالح القائم حاليا بين رام الله وتل أبيب، ربما تكون غزة، أو لا تكون، من تدفع ثمنه، صحيح أن عباس سيكون معنياً بمنح غزة نصيب الأسد من الخصومات المتوقعة سواء في الرواتب أو النفقات، لكن إسرائيل قد تلجأ لتنفيس الوضع القائم فيها بطريقة جديدة ليست معروفة حتى الآن، رغم أن الوقت قد لا يسعف الأطراف في الحيلولة دون وصول الوضع الإنساني في القطاع إلى خط اللارجعة!